للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن خوفه أمنا، ومنه (وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ). اهـ

قال الطَّيبي: قال الجوهري: تبديل الشيء: تغييره وإن لم يأت ببدل، واستبدلت الشيء بغيره، وتبدله به: إذا أخذه من مكانه.

في الأساس: بَدَّلَ الشيءَ: غيَّره، وتبدلت الدار بأنسها وحشاً، واستبدلت.

فمعنى التبديل: التغيير، وهو عام في أخذ شيء وإعطاء شيء، وفي طلب ما ليس عنده وترك ما عنده، هذا معنى قول الجوهري: تبديل الشيء بغيره وإن لم يأت ببدل.

ومعنى التبدل: الاستبدال، والاستبدال: طلب البدل، فكل تبدل تبديل وليس كل تبديل تبدلاً فقوله: ولا تستبدلوا الحرام من أموالهم بالحلال من أموالكم، وقوله: أو لا تستبدلوا الأمر الخبيث -وهو اختزال أموالهم- بالأمر الطيب الذي هو حفظها؛ ليس فيهما أخذ شيء وإعطاء شيء بدله بل هو طلب شيء ليس عنده وترك ما عنده [يدل عليه قوله: وما أبيح لكم من المكاسب، فعلى هذا قوله: إلا أن يكارم صديقاً له؛ استثناءٌ متصل من قوله: إنما هو تبديل، فتقدير الكلام أن يقال:] جعل شاة مهزولة مكان سمينة تبديل لأنه أخذ شيء وإعطاء شيء آخر، وليس بتبدل الذي هو ترك شيء وأخذ شيء بدله. اهـ

قلت: ولا يتمشى ظاهر كلام البيضاوي على هذا التقرير، فإن ظاهره أنَّ الإشارة بهذا إلى هذا الأخير -على أنه قدح فيه- مستأنف من كلام المصنف حيث قال: وقيل: ولا تأخذوا الرفيع من أموالهم وتعطوا الخسيس مكانها، وهذا تبدل وليس بتبديل، والطَّيبي قرر ضد ذلك فإن جُعلت الإشارة إلى التقدير الأول الذي قبل (وقيل تقسيمه) وجُعلت من تتمة المقول بقيل وافق ما قرره الطيبي.

قوله: (أي: إن خفتم أن لا تعدلوا ... ) إلى آخره.

قال الطَّيبي: فسر صاحب الكشاف هذه الآية بوجوه ثلاثة، وقدر الشرط والجزاء على ما يعطيه الوجه من المعنى: أولها: إن خفتم ترك العدل في حقوق اليتامى فتحرجتم منها فخافوا أيضاً ترك العدل بين النساء فقللوا عدد المنكوحات، وثانيها: إن خفتم الجور في

<<  <  ج: ص:  >  >>