للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام فلم يجز عطف ما بعدها على ما قبلها، وإنما الواجب أن يقدر المعطوف عليه بعد الهمزة وقبل الواو.

وقال صاحب الإيجاز: إنما تدخل ألف الاستفهام على فاء العطف مع منافاة العطف للاستئناف لأن المتنافي في المفرد إذ الثاني إذا عمل فيه الأول كان من الكلام الأول والاستئناف يخرجه عن أن يكون منه ويصح ذلك في عطف جملة على جملة لأنه على استئناف جملة على جملة.

وقال الطَّيبي: الحق أن هذه الهمزة مقحمة مزيدة لتقرير معنى الإنكار أو التقرير، فتدخل بين الشرط والجزاء والمبتدأ والخبر والحال وعاملها، وقد نص عليه الزجاج في قوله تعالى (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ). اهـ

وقال الشيخ سعد الدين: اختلفت كلمتهم في الواو والفاء وثم الواقعة بعد همزة الاستفهام، فقيل: عطفت على مذكور قبلها لا مقدر بعدها بدليل أنه لا يقع ذلك قط في أول الكلام وقيل بل بالعكس لأن الاستفهام له صدر الكلام، وصاحب الكشاف يحملها في بعض المواضع على هذا وفي بعضها على ذلك بحسب مقتضى المقام وسياق الكلام، ولم يلزم بطلان صدارة الهمزة إذ لم يتقدمها شيء من الكلام الذي دخلت هي عليه وتعلق معناها بمضمونه، غاية الأمر أنَّها توسطت بين الكلامين المتعاطفين لإفادة إنكار جمع الثاني مع الأول، أو وقوعه بعده متراخياً أو غير متراخ، ولا ينبغي أن يخفى على المحصل أن هذا مراد من قال إن الهمزة مقحمة مزيدة للإنكار أو التقرير، أي مقحمة على المعطوف مزيدة بعد إعتبار عطفه، ولم يرد أنَّها مزيدة بمنزلة حروف الصلة غير مذكورة لإفادة معناها.

فإن قيل: هلا جعل المعطوف عليه (فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) فإنه أقرب؟ قلنا: لأن مساق (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى) إلى (يَكْسِبُونَ) مساق التكرير والتأكيد بخلاف ما قبله فإنه لبيان حال القرى وقصة هلاكها قُصدا، فالعطف عليه أنسب وإن كان هذا أقرب. اهـ

قوله: (بَيَاتًا ... ) إلى آخره.

قال الشيخ سعد الدين: يريد أن (بَيَاتًا) إذا جعل بمعنى البتوت فنصب على المصدر من

<<  <  ج: ص:  >  >>