للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي في شرح المهذب: احتج أصحابنا بأشياء كثيرة لا يظهر الاحتجاج بها، وأقربها أن الله تعالى أمر بغسل اليدين إلى المرافق في الوضوء وقال في آخر الآية (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) فظاهره أن المراد الموصوفة أولاً بقوله (إِلَى الْمَرَافِقِ)؛ وهذا المطلق محمول على ذلك المقيد لا سيما وهي آية واحدة، وقد أجمع المسلمون على أن الوجه يستوعب في التيمم كالوضوء فكذلك اليدان.

قال الشافعي والبيهقي: أخذنا بحديث مسح الذراعين لأنه موافق لظاهر القرآن والقياس، وأحوط. اهـ

قوله: (فكذلك يسر الأمر عليكم ورخص لكم).

قال الطَّيبي: يريد أنَّ قوله (إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) كالتعليل لقوله (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى ... ) إلى آخره والعفو والغفران يستدعيان سبق جرم؛ وليس في ذكر الأعذار ما يشم منه رائحة؛ فلا يصح إجراؤه على ظاهره؛ فوجب أن يكون ذكرهما كناية عن الترخيص والتيسير، ويؤيده مجيء قوله (مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) في مثل هذه الآية في المائدة. اهـ

قوله: (بيان للذين أوتوا -إلى قوله- وما بينهما اعتراض).

قال أبو حيان: إذا كان الفارسي قد منع الاعتراض بجملتين فما ظنك بثلاث. اهـ

قال الحلبي: وفيه نظر؛ فإن الجمل هنا متعاطفة والعطف يصير الشيئين شيئاً واحداً. اهـ

قوله: (أو بيان لـ (أَعْدَائِكُمْ)).

قال الطَّيبي: بيان أنَّ قوله تعالى (وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ) بعد قوله (الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ) المشتمل على الفريقين اليهود والنصارى مشعر بتهديد عظيم ووعيد شديد لبعض منهم على سبيل الإبهام فبين بقوله (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا) ذلك البعض المبهم، والآية تنظر إلى معنى قوله تعالى (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى)، وعلل العداوة على سبيل الاستئناف بقوله (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ) كأنَّ سائلاً سأل: لم تفردت اليهود بعداوة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقيل: لأنهم حرفوا اسمه ووصفه من التوراة وكتموا الحق وأخذوا على ذلك الرشى وأظهروا على سبيل ذلك المشتبه بقولهم (رَاعِنَا) إخفاءً لأمره وحطًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>