للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (آمين، اسم فعل الذي هو استجب)

الشيخ سعد الدين: هذا تحقيق لكونه اسما، مع أن مدلوله طلب الاستجابة، كاستجب، بمعنى أن دلالته على معنى استجب ليس من حيث إنه موضوع لذلك المعنى؛ ليكون فعلا، بل من حيث إنه موضوع لفعل دالٍّ على طلب الاستجابة، وهو استجب، كوضع سائر الأسماء لمدلولاتها.

وتحقيق ذلك أن كل لفظ وضع بإزاء معنى اسما كان، أو فعلا، أو حرفا، فله اسم علم، هو نفس ذلك اللفظ من حيث دلالته على ذلك الاسم، أو الفعل، أو الحرف، كما تقول في قولنا: خرج زيد من البصرة: " خرج " فعل، و " زيد " اسم، و" من " حرف جر، فتجعل كلا من الثلاثة محكوما عليه، لكن هذا وضع غير قصدي، لا يصير به اللفظ مشتركا، ولا يفهم منه معنى مسماه.

وقد اتفق لبعض الأفعال أن وضعت لها أسماء أخر غير ألفاظها، تطلق ويراد بها الأفعال من حيث دلالتها على معانيها، وسموها أسماء الأفعال، فآمين اسم موضوع بإزاء لفظ " استجب " أو ما يرادفه من صيغ طلب الاستجابة، لكن لا يطلق ويقصد به نفس اللفظ، كما في الأعلام المذكورة، بل ليقصد به " استجب " الدال على طلب الاستجابة، حتى يكون " آمين " مع أنه اسم لا ستجب كلاما تاما، بخلاف استجب الذي هو أمر.

ولما كانت اسمية أسماء الأفعال مبنية على هذا التدقيق ذهب بعض النحاة إلى أنها أسماء المصادر السادة مسد الأفعال، وإن جعلها أسماء الأفعال، ومفيدة لمعانيها قصرا للمسافة، ولهذا قال الزجاج: إن " آمين " حرف موضوع موضع الاستجابة، كما أن " صه " موضوع موضع السكوت، إلا أنهم احتاجوا إلى الفرق بينها وبين المصادر المنصوبة السادة مسد الأفعال، سيما التي لا أفعال لها، ولا تصرف فيها، حيث بنيت هذه، وأعربت تلك (١).

وقال ابن جني في " الخصائص: فإن قيل: ما الفائدة في وضع أسماء الأفعال؟

فالجواب من ثلاثة أوجه:

أحدها: السعة في اللغة للاحتياج في قافية، أو وزن

<<  <  ج: ص:  >  >>