والثاني: المبالغة، وذلك أنك في المبالغة لابد أن تترك موضعا إلى موضع، إما لفظا إلى لفظ، وإما جنسا إلى جنس، كلما تعدل عن عويض إلى عراض، وعن حسن ووضيء وكريم إلى حسان، ووضاء، وكرام؛ لأنها أبلغ.
والثالث: ما في ذلك من الإيجاز والاختصار، وذلك أنك تقول صه للواحد والاثنين والجمع والمؤنث، بخلاف اسكت، فلما اجتمعت هذه الفوائد وضعت، ومع ذلك فإنهم أبعدوا أحوالها من أحوال الفعل المسمى بها، وتناسوا تصريفه لتناسيهم حروفه.
ويدل على ذلك أنه لا ينصب المضارع بعدها مقرونا بالفاء، لا تقول: صه فتسلم؛ لأنه إنما نصب في جواب الفعل لتصور معنى المصدر فيه؛ لأن معنى " زرني فأكرمك " لتكن زيارة منك، فإكرام مني، فزرني دل على الزيارة؛ لأنه من لفظه، وليس كذلك صه؛ لأنه ليس من الفعل في قبيل ولا دبير، وإنما هو صوت أوقع موقع حروف الفعل، فلما لم يكن فعلا، ولا من لفظه قبح أن يستنبط منها معنى المصدر؛ لبعدها عنه. انتهى (١).
قوله:(وعن ابن عباس سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن معناه فقال: افعل)
أخرجه الثعلبي من طريق الكلبي (٢)، عن أبي صالح (٣)، عنه (٤)