للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفي ملك الدرهم عنه في الوجود فاضل عن وقوع نفي الدينار عنه، أي أكثر منه، و " فضلا " على التقدير الأول حال، وعلى الثاني مصدر، وهما الوجهان اللذان ذكرهما الفارسي، لكن توجيه الإعرابين مخالف لما ذكر، وتوجيه المعنى مخالف لما ذكروا؛ لأنه إنما يتضح تطابق اللفظ والمعنى على ما وجهت، لا على ما وجهوا.

ولعل من لم يَقْوَ أُنسه بتجوزات العرب في كلامها يقدح فيما ذكرت؛ بكثرة الحذف وهو كما قيل:

إِذا لَمْ يَكُنْ إِلاَّ الأَسِنَّةُ مرْكَبٌ. . . فَلا رَأْى لِلْمُحْتَاجِ إِلا رُكُوبُهَا (١)

وقد بينت في التوجيه الأول أن مثل هذا الحذف والتجوز واقع في كلامهم.

قال أبو الفتح: قال لي أبو علي: من عرف ألف، ومن جهل استوحش (٢). انتهى كلام ابن هشام (٣).

وقال الشيخ سعد الدين: " فضلا " مصدر فعل محذوف، يقع متوسطا بين نفي وإثبات لفظا، نحو فلانٌ لا ينظر إلى الفقير فضلا عن إعطائه، أو معنى نحو تقاصرت الهمم عن أدنى العدد فضلا عن أن تترقاه، أي لم تبلغه فضلا عن الترقي، والقصد فيه إلى استبعاد الأدنى، أعنى ما دخله النفي، بمعنى عده بعيدا عن الوقوع، كالنظر إلى الفقير، وبلوغ الهمم، واستحالة ما فوقه، أعني ما دخلته " عن " بمعنى عده بمنزلة المحال الذي لا يمكن وقوعه، كالإعطاء والترقي، وهو من قولك: أنفقت الدرهم، والذي فضل منه كذا، أي بقي، وفاعل الفعل ضمير النفي، أي انتفى العطاء بالكلية، والذي بقي منه عدم النظر، وهكذا انتفى الترقي، وبقي التقاصر.

والأحسن أنه لا محل لهذه الجملة وإن جعلها بعضهم حالا.

ومن الخطأ في حل هذا التركيب ما يقال: إن " فضلا " بمعنى تجاوزا، وأن المستبعد هو عدم النظر وقصور الهمم (٤). انتهى.

* * *

قوله: (نخصك بالعبادة والاستعانة)

<<  <  ج: ص:  >  >>