وإن الكافر يستقبله أقبح شيء صورة وأنتنه ريحاً، فيقول: هل تعرفني؟ فيقول: لا إلا أن الله قد قبح صورتك ونتن ريحك.
فيقول: كذلك كنت في الدنيا، أنا عملك الذي طالما ركبتني في الدنيا، وأنا اليوم اركبك، وتلا (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ).
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن قيس عن أبي مرزوق مثله.
قوله:(وقوله (للذين يتقون) تنبيه على أن ما ليس من أعمال المتقين لعب ولهو).
قال الطَّيبي: وذلك أن الظاهر أن يقال: وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وما الدار الآخرة إلا جد وحق لا باطل زائل، فوضع موضعه (خَيْرٌ لِلَّذِينَ) إطلاقاً لاسم المسبب على السبب. اهـ
وقال الشيخ سعد الدين: لأنه لما خص خيرية أعمال الآخرة بالمتقين -وهي في مقابلة أعمال الدنيا- أي لعب ولهو، فما ليس من أعمال المتقين ليس من أعمال الآخرة وما ليس من أعمال الآخرة فهو من أعمال الدنيا، وأعمال الدنيا لعب ولهو، فما ليس من أعمال المتقين لعب ولهو. اهـ
قوله:(معنى (قد) زيادة الفعل وكثرته).
قال أبو حيان: هذا قول غير مشهور للنحاة وإن قال به بعضهم، وما استشهدوا به عليه فالتكثر فيه لم يفهم من (قد)، وإنما فهم من سياق الكلام، لأن الفخر والمدح إنما يحصلان بكثرة وقوع المفتخر به والممدوح به، وعلى تقدير أن تكون (قد) للتكثير في الفعل وزيادته لا يتصور ذلك في قوله (قَدْ نَعْلَمُ) لأنَّ علمه تعالى لا يمكن فيه الزيادة والتكثير. اهـ