للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وقراءة حمزه، رب، بحذف الياء).

قوله: (وهو في الحقيقة: عدول عن مثال خفي إلى مثال جلي)، يعني الانتقال من حجة إلى أخرى، كما مشى عليه في الكشاف، قال الإمام: للناس في هذا المقام طريقان، أحدهما: قول أكثر المفسرين، إن إبراهيم لما سمع تلك الشبهة من نمرور عدل عن ذلك إلى دليل أوضح منه.

وقالوا: إن الانتقال من دليل إلى آخر أوضح منه، جائز للمستدل، والثاني: إنه ليس انتقالا من دليل إلى آخر، وإنما هو من باب ما يكون الدليل واحدا لا أن يكون الانتقال لإيضاحه من مثال إلى مثال آخر، وإلا فالحجة الأولى قد تمت ولزمت، وما عارض به نمرود أمر باطل، وإذا كان كذلك، كان اللعين منقطعا، إلا أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما خاف الاشتباه والتلبيس على القوم دفع ذلك بمثال أوضح منه، وعلى الطريقة الأولى، قال الشيخ سعد الدين: فإن قيل: ما كان ينبغي/ للنبي أن ينتقل بل كان عليه إزاحة الشبهة دفعا لوهم الإقحام، قلنا: إنما يكون ذلك إذا كان للشبهة قوة التباس على السامعين وأما في الشبهة الواهية فيحسن الإعراض عنها وعدم الالتفات، سيما مع المجادل الأحمق الخارج عن دائرة التوجيه، فإن الأليق بحاله الانتقال إلى دليل آخر لا يجد معه مجال الجواب أصلا ليلزم انقطاعه مع أول الأمر.

قوله: (تقديره: أو رأيت مثل الذي) إلى آخره، حاصله ثلاثة أوجه في تصحيح العطف، وقد استحسن أبو حيان الوجه الأول، لأن إضمار الفعل لدلالة المعنى عليه أسهل من العطف على المعنى، فإنهم نصوا على أنه لا ينقاس به، قال: ويحتمل أن لا يكون ذلك على حذف فعل ولا على العطف على المعنى، ولا على زيادة الكاف بل تكون الكاف إسما على ما يذهب إليه أبو الحسن، فتكون في موضع جر عطفا على الذي، والتقدير: ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم، أو إلى مثل الذي مر، ومجيء الكاف اسما، فاعلة ومبتدأة ومجرورة ثابت، في لسان العرب، وتأويلها بعيد، فالأولى الحمل على هذا الوجه وإنما عرض لهم الإشكال

<<  <  ج: ص:  >  >>