قال أبو حيان: ظاهر هذا أن ذلك منتصب انتصاب المصدر، وقد ذكر ابن مالك أن اسم الإشارة لا ينتصب مشاراً به إلى المصدر إلا وأتبع بالمصدر نحو: قمت هذا القيام وقعدت ذلك القعود، ولا يجوز: قمت هذا ولا قعدت ذاك، فعلى هذا لا يصح انتصاب ذلك على أنه إشارة إلى المصدر. اهـ
وقال الحلبي: ما قاله ابن مالك غير صحيح لورود اسم الإشارة مشاراً به إلى المصدر غير متبوع به، قال الشاعر:
ياعمرو إنك قد مللت صحابتي ... وصحابتيك إخال ذاك قليل
قال النحويون:(ذاك) إشارة إلى مصدر (خال) المؤكدة له وقد أنشده هو على ذلك. اهـ
قوله:(أي لو شاء خلاف ذلك مشيئة ارتضاء ... ) إلى آخره.
قال الشيخ سعد الدين: الكفرة يحتجون بذلك على حقيقة الإشراك وتحريم الحلال وسائر ما يرتكبونه من القبائح وكونها ليست بمعصية لكونها موافقة للمشيئة التي تساوي معنى الأمر على ما هو مذهب القدرية من عدم التفرقة بين المأمور والمراد وإن كل ما هو مراد الله تعالى فهو ليس بمعصية نهى عنها، وأهل السنة وإن اعتقدوا أنَّ كل الكل بمشيئة الله لكنهم يعتقدون أن الشرك وجميع القبائح معصية ومخالفة للأمر يلحقهما العذاب بحكم الوعيد، ويعفو عن البعض بحكم الوعد، فهم في ذلك يصدقون الله تعالى فيما دل عليه العقل والشرع من امتناع أن يكون أكثر ما يجري في ملكه على خلاف ما يشاء، والكفرة يكذبونه في لحوق الوعيد على بعض ما هو بمشيئة الله تعالى، ويزعمون أن الكفر والمعاصي إذا كانت بإرادة الله تعالى لم يكن عليها عذاب ألبتة ولم يكن مخالفة للأمر، بل ربما كانت مرضية عنده.
قال: وحاصل الكلام في هذا المقام ما قال الامام وهو أنَّ في كلام المشركين مقدمتين إحداهما: أنَّ الكفر بمشيئة الله تعالى، والثانية: أنه يلزم منه اندفاع دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وما ورد من الذم والتوبيخ إنما هو على الثانية إذ الله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فله أن يشاء من الكافر الكفر ويأمره بالإيمان