قوله:(أم منقطعة) إلى آخره تقرير لكون الخطاب في الآية لليهود، وقد ضعفه صاحب الكشاف، بأنهم لو شهدوا ذلك الوقت وسمعوا وصية يعقوب لظهر لهم كونه على ملة الإسلام ووصيته لبنيه بذلك فكيف يقال لهم في مقام الرد عليه والإنكار لمقالتهم، أكنتم حاضرين حين وصى يعقوب بما ينافي دعوتكم، بل ينبغي أن يقال: أكنتم حاضرين حين وصى باليهودية وبما يحقق دعوتكم مثلا، تقول لمن يرمي زيدا بالفسق: أكنت حاضرا حين شرب أو قتل أو زنى ولا تقول حين صام وصلى وزكى. قال الشيخ سعد الدين: وقد يجاب بوجهين، أحدهما: أن الاستفهام حينئذ يكون للتقرير، أي كانت أوائلكم حاضرين حين وصى بنيه بملة الإسلام والتوحيد، وأنتم عالمون بذلك فما لكم تدعون عليهم اليهودية.
والثاني: إن تم الإنكار عند قوله: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي} ويكون قوله: {قَالُوا نَعْبُدُ} بيان فساد ادعائهم لا داخلا في حيز الإنكار، أي ما كنتم شهداء حين قال: لبنيه ما تعبدون من بعدي، وحين أجرى وصية الدين. فكيف تدعون اليهودية وأن يعقوب وصى بها، ثم بين بطلان دعواهم وتوجه الرد عليهم بقوله:(قالوا: نعبد) إلى آخره ولا يلزم من كونه استئنافا أن يدخل في حيز الاستفهام.
قوله:(أو متصله بمحذوف تقديره، أكنتم غائبين أم كنتم شهداء)، قال أبو حيان: لا نعلم أحدا أجاز حذف هذه الجملة، ولا يحفظ ذلك في شعر ولا غيره فلا يجوز: أم زيد، وأنت تريد: أقام عمرو أم زيد؟ وإنما سمع حذف أم المتصلة مع المعطوف لأن الثواني المقابلات يجوز