للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) [سورة فاطر ٣٢]

* * *

قوله: (ولم يعطف قصتهم على قصة المؤمنين، كما عطف في قوله تعالى (إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم) [سورة الانفطار ١٣، ١٤] لتباينهما في الغرض) إلى آخره.

نوزع فيه بأن المقصود من الأولى بيان انتفاع المتقين بالكتاب، واهتدائهم به اللازم عنه أنهم يؤمنون (١)، ومن الثانية بيان عدم انتفاعهم به، وعدم اهتدائهم المعبر عنه باستواء الإنذار وعدمه اللازم عنه أنهم لا يؤمنون، فاتحد الغرض منهما، وهو بيان الحال، كما اتحد في آيتي (إن الأبرار. . . وإن الفجار) غرض بيان المآل.

وأجاب الشيخ سعد الدين بأن الحكم على الكفار بذلك لا يقتضي كون الكتاب بهذه المثابة غرضا مسوقا له الكلام (٢).

قوله: (وإنَّ من الحروف التي شابهت الفعل) إلى آخره

قال ابن يعيش في " شرح المفصل ": إنما عملت " إنَّ وأخواتها " لشبهها بالأفعال، وذلك من وجوه:

منها: اختصاصها بالأسماء، كاختصاص الأفعال بالأسماء.

ومنها: أنها على لفظ الأفعال؛ إذ كانت على أكثر من حرفين، كالأفعال.

ومنها: أنها مبنية على الفتح، كالأفعال الماضية.

ومنها: أنها يتصل بها المضمر المنصوب، ويتعلق بها كتعلقه بالفعل في نحو " ضربك " و " ضربه " و " ضربني " فلما كان بينها وبين الأفعال ما ذكرنا من المشابهة كانت داخلة على المبتدإ والخبر، وهي مقتضية لهما جميعا.

ألا ترى أَنَّ " إنَّ " لتأكيد الجملة، و " لكن " لاستدراك الخبر، فلا بد من الخبر لأنه المستدرك، ولابد من المبتدإ ليعلم خبر من قد أستدرك، و " ليت " في قولك: ليت زيدا قادم تمنّ لقدوم زيد، و " لعلّ " ترج، و " كأنَّ " تقتضي مشبها ومشبها به.

فلما اقتضتهما جميعا جرت مجرى الفعل المتعدي، فلذلك نصبت الاسم، ورفعت الخبر، وشبهت من الأفعال بما قدم مفعوله على فاعله، فقولك: إن زيدا قائم، بمنزلة ضرب زيدا رجل، وإنما قدم المنصوب فيها على المرفوع فرقا بينها

<<  <  ج: ص:  >  >>