أي الذين يؤمنون بالغيب أولئك على هدى، والذين يؤمنون بما أنزل إليك كذلك (١).
قوله:(وكأنه لما قيل: (هدى للمتقين) قيل: ما بالهم خصوا بذلك؟) إلى آخره
قال الشريف: أي ما حالهم مختصين بذلك، وهل هم أحقّاء به، فمآل السؤال إلى أنهم هل يستحقون ما أثبت لهم من الاختصاص؟
والجواب يشتمل على هذا الحكم المطلوب مع تلخيص موجبه، وقد ضم فيه إلى الهدى نتيجته تقوية للمبالغة التي تضمنها تنكيره، كأنه قيل: هم مستحقون للاختصاص، والسبب فيه تلك الأوصاف التي رتب عليها الحكم، فاستغنى عن تأكيد النسبة ببيان علتها.
وقد يقال: المقصود من السؤال هو السبب فقط، أي ما سبب اختصاصهم واستحقافهم إلا أنه بين في الجواب مرتبا عليه مُسَبَّبه، فإن ذلك أوصل إلى معرفة السبب، فلا حاجة أصلا إلى تأكيد الجملة.
وربما قيل: قصد به مجموع الأمرين، أي هل هم أحقّاء بذلك، وما السبب فيه حتى يكونوا كذلك؟
وإنما قال:" كأنه قيل " إذ ليس هناك سؤال، بل اتجاه سؤال، فجعل لذلك كأنه مقدر (٢). انتهى.
وكأنه نتيجة الأحكام والصفات المتقدمة.
قال الطيبي: فوزان قوله (هدى للمتقين) إلى قوله (ينفقون) وزان قوله (الحمد لله رب العالمين) إلى قوله (مالك يوم الدين) ووزان قوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإياك نستعين) وزان قوله (أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
قال: وهاهنا سر دقيق: وهو أنه تعالى حكى في مفتتح كتابه الكريم مدح العبد لبارئه بسبب إحسانه إليه، وترقى فيه، ثم مدح الباري هنا عبده بسبب هدايته له وترقى فيه على أسلوب واحد (٣).