قال ابن المنير: في إعرابه بدلاً نظر؛ إذ يكون من بدل الشىء من الشيء وهما لعين واحدة فيصير الكلام: والسدس لأبويه لكل واحد منهما، ومقتضى الاقتصار على المبدل منه اشتراكهما في السدس، ومقتضى البدل إفراد كل واحد منهما بالسدس وهو تناقض لأن فائدة البدل توكيد مجموع الاسمين خاصة إذا تعذر البدل قدرنا مبتدأ محذوفاً تقديره: ولأبويه الثلث ثم فصله بقوله (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ)، ودل التفصيل على المبتدأ المحذوف، ويستقيم هذا على جعله من بدل التقسيم كقولك: الدار لثلاثة لزيد ثلثها ولعمرو ثلثها ولبكر ثلثها، ولا يستقيم ذلك على الأول. اهـ
قال أبو حيان: قال أبو البقاء: (السُّدُسُ) رفع بالابتداء، و (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) الخبر، و (لِكُلِّ) بدل من الأبوين، و (مِنْهُمَا) نعت لـ (وَاحِدٍ).
قال أبو حيان: وهذا البدل هو بدل بعض من كل ولذلك أتى بالضمير، ولا يتوهم أنه بدل شيء من شيء وهما لعين واحدة لجواز أبواك يصنعان كذا، وامتناع: أبواك كل واحد منهما يصنعان، بل تقول: يصنع كذا.
قال: وفي قول الزمخشري: و (السُّدُسُ) مبتدأ وخبره (وَلِأَبَوَيْهِ) نظر، لأن البدل هو الذي يكون الخبر له دون المبدل منه كما مثلنا في قولك: أبواك كل واحد منهما يصنع كذا إذا أعربنا كلاً بدلاً وكما تقول: إن زيداً عينه حسنة، فكذلك ينبغي أن يكون إذا وقع البدل خبراً فلا يكون المبدل منه هو الخبر، واستغني عن جعل المبدل منه خبراً بالبدل كما استغني عن الإخبار عن اسم إن وهو المبدل منه بالإخبار عن البدل. اهـ
قال الحلبي: في هذه المناقشة نظر، لأنه إذا قيل لك: ما محل (وَلِأَبَوَيْهِ) من الإعراب، تضطر إلى أن تقول: في محل رفع خبراً مقدماً، ولكنه نقلَ نسبة الخبرية إلى (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) دون (وَلِأَبَوَيْهِ). اهـ
وقال الشيخ سعد الدين في تقرير قوله والسدس مبتدأ: يعني لا حاجة إلى أن يجعل (وَلِأَبَوَيْهِ) خبر مبتدأ محذوف، أي: لأبويه الثلث؛ ثم بين قسمة الثلث عليهما بقوله (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) دفعاً لوهم أن يكون للأب ضعف ما للأم، وذلك أن الحكم المعلق بالشيء أو المجموع قد يقصد تعلقه بالمجموع وقد يقصد تعلقه بكل فرد، فبين بالبدل أنَّ القصد إلى الثاني وبهذا يندفع ما يقال إنَّ البدل ينبغي أن يكون بحيث لو أسقط استقام الكلام معنى، وها هنا لو قيل: لأبويه السدس؛ لم يستقم. اهـ