وقال الشيخ سعد الدين: يعني إن قيل: لم لا يجوز أن تكون مزيدة لمظاهرة (لا) في (لا يُؤمِنُونَ) ومعاونتها والتنبيه من أول الأمر على أن المقسم به نفي؟
فالجواب: أنَّ مجيئها قبل القسم سواءً كان الجواب نفياً أو إثباتاً يدل على أنَّها لتأكيد القسم لا لمظاهرة النفي في الجواب، وذلك لأنَّ الأصل إجراء المحتمل على المحقق والمشكوك على المقطوع واتخاذ نهج اللفظ على اتخاذ نهج المعنى وترك التصرف في الحرف، وبهذا يندفع اعتراض صاحب التقريب بأنه يجوز أن يكون نفي المنفي لمظاهرة النفي وفي المثبت لتأكيد معنى القسم، وما يقال إنه لا يجوز أن يكون في النفي لتأكيده وفي الإثبات لتأكيده فليس على ما ينبغي. اهـ
قوله:(وقرأ ابن عامر بالنصب على الاستثناء، أو على: إلا فعلاً قليلاً).
قال الطَّيبي: فعلى هذا الاستثناء مفرغ، و (منهم) بيان للضمير في (فعلوه) كقوله تعالى (لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ) على التحديد، وعلى أصل الاستثناء (منهم) للتبعيض. اهـ
وقال أبو حيان: أما النصب على الاستثناء فهو الذي وجه الناس عليه هذه القراءة، وأما قوله: إلا فعلاً قليلاً؛ فهو ضعيف لمخالفة مفهوم التأويل قراءة الرفع ولقوله (منهم) فإنه تعلق على هذا التركيب؛ لو قلت: ما ضربوا زيداً إلا ضرباً قليلاً منهم لم يحسن أن يكون (منهم) لا فائدة في ذكره. اهـ
وقال السفاقسي: أجاب بعضهم بأن هذا لازم على تقدير الزمخشري، ورد بأنها على تقدير الرفع للربط لأنه بدل بعض من كل، وعلى تقدير النصب على الاستثناء يكون في معنى الرفع لأنه أيضاً إخراج بعض من كل، وأجيب بأنهم اكتفوا في مثل هذا بالربط بـ (إلا)، وأجيب بأنَّ الربط بالضمير هو الأصل و (إلا) كالنيابة عن ذلك الأصل،