وتعقبه أبو حيان كعادته بأنَّ الاعتراض المصطلح عليه شرطه أن يقع بين مفتقرين كصلة وموصول، وشرط وجزاء، وقسم ومقسم عليه، وتابع ومتبوع، وعامل ومعمول وليست هذه كذلك.
قال: إلا أن يعني به غير المصطلح عليه فيمكن. اهـ
وقد تقدم الجواب عنه بأنه يعني به التذييل.
قال الطَّيبي: لا يجوز أن تكون معطوفة لأنه لا يخلو من أن يعطف على قوله (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) اعتراضاً وتوكيداً لمعنى قوله (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ) وبيان الصالحات ما هي وأن المؤمن من هو وليس في (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) ذلك على أن عطف الإخبارية على الإنشائية من غير جامعٍ قويٍّ يدعو إليه ممتنع، ولا يجوز الثاني والثالث من له أدنى مسكة.
فإن قلت: لم لا يجوز أن تكون الجملة استطرادية كقوله تعالى (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ) إلى قوله (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا)، عَطف (وَمِنْ كُلٍّ) على أنهما استطرادية؟ قلت: لا يجوز لأن من شرط العطف في الاستطراد أن يكون للمعطوف نوع مناسبة بأصل الكلام وهو (يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ ... ) الآية، وهي هنا مفقودة كما في قوله (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)، ولا يحسن أن تكون حالاً لما يفوت من فائدة وضع المظهر موضع المضمر، وتخصيص ذكر الخلة للتنصيص على أنه ممن يجب أن يرغب في اتباع ملته، فتعين أن يكون اعتراضاً أو تذييلاً لما في اعتبارهما من مظنة العلية وبيان الموجب، أي: ومن أحسن ديناً ممن اتبع ملة إبراهيم لاصطفاء الله إياه؛ ولأنه الممدوح المستعد لخلة الله لما
فيه من غاية الكمالات البشرية. اهـ
قوله:(روي أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعث إلى خليل له بمصر في أزمنة أصابت الناس ... ) إلى آخره.