ما مرتبته التأخير لله سبحانه أسراراً لا يعلم كنهها إلا هو، ألا ترى إلى قوله تعالى (الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣)) كيف استلزم التقديم أن معرفة الغايات والكمالات سابقة في التقديم لاحقة في الوجود تنبيهاً على أن المقصود الأولي من خلق الإنسان تعليم ما به يرشد إلى ما خلق له من العبادة، وكذا أشير بهذا التقديم إلى معرفة مرتبة أخرى من الشكر وموجبه.
قال الشيخ العارف المحقق أبو إسماعيل الأنصاري: الشكر اسم لمعرفة النعمة لأنَّها السبيل إلى معرفة المنعم، ومعاني الشكر معرفة النعمة ثم قبول النعمة ثم الثناء بها، ودرجاته ثلاث -إلى آخره- فليقرر ذلك بلسان أهل المعاني وهو أن المكلف في بدء الحال إذا نظر إلى ما عليه من نعمة الخلق والرزق والتربية ينبعث منه حركة إلى معرفة المالك المنعم، فهذه الحركة تسمى باليقظة والشكر القلبي والشكر المبهم، فإذا شكر العبد هذا الشكر وفق لنعمة أرفع من تلك النعمة وهي المعرفة بأنه الواحد الأحد الصمد الواسع الرحمة فيسجد شكراً فوق ذلك ويضيف إلى الشكر القلبي الشكر بآداب الجوارح والنداء على الجميل ويقول:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا
وهذا هو الشكر المفصل، وحاصله أنَّ الكلام فيه إيجازان لأنَّ الشكر المذكور في التلاوة شكر مبهم وموجبه نعمة سابقة مستتبعة لمعرفة مبهمة، والإيمان المذكور إيمان مفصل مستتبع لشكر مفصل غير مذكور. اهـ
قوله:(روي أنَّ رجلاً استضاف قوماً فلم يطعموه فاشتكاهم فعوتب عليه فنزلت).
أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد مرسلاً.
قوله (هم الكاملون في الكفر).
قال الطيبي: يدل عليه توسيط الفصل بين المبتدأ والخبر المعرف بلام الجنس كقوله