وهو الذي يقابل الماضي وبين ما (يبين الهيئة) المذكورة.
قال: ويمكن أن يقال إنَّ الفعل إذا وقع قيداً لشيء يعتبر كونه ماضياً أو حالاً أو مستقبلاً بالنظر إلى ذلك القيد، فإذا قيل: جاءني زيد راكب، يفهم منه أنَّ الركوب كان متقدماً على المجيء فلا بد من قد حتى تقربه إلى زمان المجيء فتقارنه فتأمل.
وقال شيخنا العلامة محي الدين الكافيجي في شرح القواعد عند قوله والخامس تقريب الماضي من الحال: ولهذا تلزم (قد) مع الفعل الماضي الواقع حالاً، والسبب الداعي إلى هذا دفع التدافع بين الماضي والحال بقدر الإمكان، فاعترض على هذا بأن لفظة الحال مشتركة بين معان، فيقال على قيد العامل سواء كان ماضياً أو مضارعاً أو غيرهما، ويقال على زمن التكلم بمعنى الآن، والمقصود هاهنا الأول لا الثاني، و (قد) إنما هي للتقريب من الحال بمعنى الآن.
قال: وأجيب عن هذا الاعتراض بأنَّ المضي والحال والاستقبال أمور إضافية، فطوفان نوح عليه الصلاة والسلام بالنسبة إلينا ماض وبالنسبة إليه حال، ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام مستقبل بالنسبة إلينا حال بالنسبة إلى قوم ذلك الزمان، فإذا تمهد هذا فالمضي والحال المستعملان هنا منسوبان إلى زمان وقوع الفعل لا إلى زمان تكلمنا، فإذا قلت: جاء زيد يركب، كان معناه أن الركوب يقارن المجيء، وإذا قلت: جاء زيد وقد ركب، كان معناه أنَّ الركوب قد مضى في وقت المجيء ولذلك اشترط فيه (قد) ليقرب الركوب إلى ذلك الوقت.
قال: وحاصل الجواب أنَّ الحال قيد العامل، وأن زمان وقوع ذلك القيد وجب أن يكون مقترناً بزمان وقوع مضمون العامل تحقيقاً أو تقديراً سواء كان مقترناً بزمان التكلم أو لا.
قال: وأما الاعتذار بأن تصدير الماضي المثبت بلفظة قد لمجرد استحسان لفظي فإنما هو تسليم لذلك الاعتراض فليس بمقبول ولا مرضي. انتهى كلام الشيخ رحمه الله تعالى.