للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الطَّيبي: جعل مجموع قوله (عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ) و (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) عبارة عن معنى الإلهية، لأن قسمة الأرزاق بين العباد ومعرفة علم الغيب مخصوصتان به، ولهذا كرر في الملكية لفظ (لا أَقُولُ).

قال: وهذا يهدم قاعدة استدلال الزمخشري في قوله تعالى (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) على تفضيل الملك على البشر، لأنَّ الترقي لا يكون من الأعلى إلى الأدنى يعني من الإلهية إلى الملكية. اهـ

قوله: (مثل للضال والمهتدي).

قال الطَّيبي: يريد أنَّ هذه الخاتمة كالتذييل الذي يقع في آخر الكلام على سبيل التمثيل، وقوله (أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) كالتتميم للتذييل والتنبيه على مكان التذييل، ثم المذيَّل إما ما سبق من أول هذه السورة وجميع ما جرى له مع القوم من الدعوة إلى الحق وإبائهم إلا الباطل وإما ما سبق من قوله (إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَى إِلَيَّ) فالبصير من يتبع ما يوحى إليه، والأعمى من لا يرفع به رأساً، أو من قوله (لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) فالأعمى من يدعي هذا والبصير من يتبع الوحي ويدعي النبوة. اهـ

قوله: (أو مدعى المستحيل كالألوهية والملكية).

قال ابن المنير: دعوى الملكية من الممكنات، لجواز أن يجعل الله تعالى البشر ملكاً والملك بشراً ويدل عليه قوله تعالى (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً)، ولأن الجواهر متماثلة والمعاني القائمة ببعضها يجوز أن تقوم بكلها. اهـ

قال العلم العراقي: ومن البين في ذلك قوله تعالى (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ) أطمع آدم في أن يصير مَلَكاً والنبي لا يطمع في مستحيل. اهـ

وحكى ذلك الطَّيبي وأقره.

<<  <  ج: ص:  >  >>