أيضاً أنَّ المصدر يضاف تارة إلى الفاعل وتارة إلى المفعول، وقد التزم بعضهم اختصاص جواز الفصل بالمفعول بينه وبين الفاعل لوقوعه في غير مرتبته، كما جاز تقديم المضمر على الظاهر في غير رتبته، وأنشد أبو عبيد:
وحلق الماذي والقوانس ... فداسهم دوس الحصاد الدائس
وأنشد:
يفركن حب السنبل الكنافج ... بالقاع فرك القطن المحالج
ففصل بين الفاعل والمفعول، ويقوي عدم توغله في الإضافة جواز العطف على موضع مخفوضه نصباً وجراً، فهذه شواهد من العربية يجمع شملها هذه القراءة، وليس القصد تصحيح القراءة بالعربية بل تصحيح العربية بالقراءة. اهـ
قال الكواشي: كلام الزمخشري يشعر أن ابن عامر قد ارتكب محظوراً، وأن قراءته قد بلغت من الرداءة مبلغاً لم ييلغه شيء من جائز كلام العرب وأشعارهم، وأنه غير ثقة لأنه يأخذ القراءة من المصحف لا من المشايخ ومع ذلك أسندها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو جاهل بالعربية، وليس الطعن في ابن عامر طعناً فيه وإنما هو طعن في علماء الأمصار حيث جعلوه أحد القراء السبعة المرضية، وفي الفقهاء حيث لم ينكروا عليهم إجماعهم على قراءته، وأنهم يقرءونها في محاريبهم، والله أكرم من أن يجمعهم على الخطأ. اهـ
وقال أبو حيان: أعجب لعجمي ضعيف في النحو يرد على عربي صريح محض قراءة متواترة موجود نظيرها في كلام العرب في غير ما بيت، وأعجب لسوء ظن هذا الرجل بالقراء الأئمة الذين تخيرتهم هذه الأمة لنقل كتاب الله شرقاً وغرباً، وقد اعتمد المسلمون على نقلهم لضبطهم ومعرفتهم وديانتهم. اهـ
وقال الشيخ سعد الدين: هذا عذر أشَد من الجرم حيث طعن في إسناد القراء السبعة