وقال السكاكي: لا يجوز الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير الظرف، ونحو قوله: بين ذراعي وجبهة الأسدِ محمول على حذف المضاف إليه من الأول، ونحو قراءة من قرأ (قتلَ أولادَهم شركائِهم) و (مخلفَ وعدَه رسله) لإسنادها إلى الثقات، وكثير نظائرها من الأشعار -ومن أرادها فعليه بخصائص ابن جني- محمولةٌ عندي على حذف المضاف إليه من الأول وإضمار المضاف في الثاني على قراءة من قرأ (والله يريد الآخرةِ) بالجر أي عرض الآخرة، وما ذكرت وإن كان فيه نوع بُعد فتخطئة الثقات والفصحاء أبعد. اهـ
وقال ابن مالك في كافيته:
وظرف أو شبيهه قد يَفْصِلُ ... جزأيْ إضافةٍ وقد يُستعمَل
فصلانِ في اضطرار بعض الشعرا ... وفي اختيار قد أضافوا المصدرا
لفاعلٍ من بعد مفعول حجز ... كقول بعضِ القائلين للرجز
يفرك حب السنبل الكنافج ... بالقاع فرك القطن المحالج
وعمدتي قراءة ابن عامر ... وكم لها من عاضد وناصر
وقال في الشرح: إضافة المصدر إلى الفاعل مفصولاً بينهما بمفعول المصدر جائزة في الاختيار إذ لا محذور فيها مع أن الفاعل كجزء من عامله فلا يضر فصله لأن رتبته منبهة عليه، والمفعول بخلاف ذلك، فعلم بهذا أن قراءة ابن عامر غير منافية لقياس العربية، على أنَّها لو كانت منافية له لوجب قبولها لصحة نقلها، كما قبلت أشياء تنافي القياس بالنقل، وإن لم تساو صحتها صحة القراءة المذكورة ولا قاربتها، كقولهم: استحوذ، وقياسه استحاذ، وكقولهم: بنات ألببه، وقياسه ألبه، وكقولهم: هذا جحرُ ضبٍّ خربٍ، وقياسه خربٌ، وكقولهم: لدن غدوةً، بالنصب، وقياسه الجر، وأمثال ذلك كثير. اهـ