وقعت في المسجد، والحال في المعنى ظرف فيعتبر في الثاني ذلك الظرف كما يعتبر في الحال وللبحث فيه مجال.
قال الطَّيبي: وتمام التقرير أنَّ الأصوليين ذكروا أن الأصل اشتراك المعطوف والمعطوف عليه فِى المتعلقات كالحال والشرط وغيرهما هذا هو المراد من كلام الزمخشري وصاحب التقريب.
قال: فالواجب أن يقال: ما في الآية ليس من باب عطف المفرد على المفرد بل هو من باب عطف الجملة على الجملة، إما على تقدير ناصب من جنس المذكور، أو تقدير اذكر من غير إبدال لئلا يلزم المحذور، وبيانه أن (نصر) مطلق وتقييده بحسب كل واحد من الظرفين فإن الأحوال والظروف كلها مقيدات للفعل المطلق، فإذا قيد أحدهما بقيد لزم تقييد الفعل به، لأن القيد بيان المراد من المطلق فيسري منه إلى الآخر، لعل هذا هو المعنى من قول صاحب التقريب: إذا تقدم فعل مقيد بحال عنى ظرف نحو: صليت قائماً في المسجد فيعتبر في الثاني ذلك القيد قريب من قولهم المتعقب للحمل للجميع. اهـ
وقال الحلبي: كلام الزمخشري حسن، وتقديره أن الفعل مقيد بظرف المكان، فإذا جعلنا (إِذ) بدلاً من (ويوْم) كان معمولاً له، لأن البدل يحل محل المبدل منه، فيلزم أنه نصرهم إذ أعجبتهم كثرتهم في مواطن كثيرة، والفرض أنَّهم في بعض المواطن لم يكونوا بهذه الصفة، إلا أنه قد ينقدح فإنه تعالى لم يقل في جميع المواطن حتى يلزم ما قاله. اهـ
وقال الشيخ سعد الدين في تقرير كلام الكشاف: الواجب أن ينتصب (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) بفعل مضمر وهو (نَصَرَكُمُ) ليكون من عطف الجملة على الجملة، لا بقوله (لَقَدْ نَصَرَكُمُ) ليكون عطفاً على (فِي مَوَاطِنَ) بالتأويل وبدون التأويل وذلك لأن (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) بدل من (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) فيكون زمان الإعجاب بالكثرة ظرفاً للنصرة الواقعة في المواطن الكثيرة لأن الفعل واحد، ولأن الأصل في العطف أن يتقيد المعطوف بما يتقيد به المعطوف عليه وبالعكس مثل: أعجبني قيام زيد يوم الجمعة وقيام عمرو، وبالعكس، و (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) مقيد بزمان الإعجاب بالكثرة لأن العامل