وقع في الرحيم، وأهل العربية يقولون: إن الزيادة في البناء تفيد الزيادة في المعنى.
ونوقض بحذر فإنه أبلغ من حاذر.
وأجيب: بأن ذلك أكثري لا كلي، وبأن ما ذكر لا ينافي أن يقع في البناء الأنقص زيادة معنى بسبب آخر، كالإلحاق بالأمور الجبلية مثل شره ونهم، وبأن ذلك فيما إذا كان اللفظان المتلاقيان في الاشتقاق متحدي النوع في المعنى، كغَرِثٍ وغرْثَان، وصَدٍ وصديان، لا كحذر وحاذر للاختلاف (١).
وقال الشيخ أكمل الدين: ذكر صاحب " المفتاح " في تصريفه ما معناه: إن الشرط في أن الزيادة في البناء لزيادة في المعنى - بعد الرجوع إلى أصل واحد في الاشتقاق - الاتحاد في النوع، فلا ينتقض بنحو حاذر وحذر، لأنهما نوعان، وكفاك دليلا نحو غرث وغرثان وصد وصديان، فإن ذلك راجع إلى أصل واحد، وهو اسم الفاعل، كالرحمن والرحيم، بخلاف حذر وحاذر، فإن أحدهما اسم فاعل، والآخر صفة مشبهة (٢).
قوله:(تارة باعتبار الكمية، وأخرى باعتبار الكيفية) إلى آخره.
تقريره ما ذكره صاحب (٣)" المطلع ": أن الواصل في الدنيا كثير الكمية، باعتبار كثرة من يصل إليه من مؤمن وكافر وحيوان، قليل الكيفية لقلة الدنيا وسرعة انصرامها وكثرة شوائبها، والواصل في الآخرة قليل الكمية بالإضافة إلى من يصل إليه، وهمْ المؤمنون، كثير الكيفية؛ لوجود الملك المؤبد، والنعيم المخلد.
قوله:(قيل: يا رحمان الدنيا ورحيم الآخرة) ثم قال:
(قيل: يا رحمان الدنيا والآخرة، ورحيم الدنيا).
تابع في ذلك " الكشاف "(٤).
قال الطيبي: هذا دليل على أن الرحمان أبلغ من الرحيم (٥).
وقال البلقيني: هذان الأثران لا يُعرفان، بل الوارد " رحمان الدنيا والآخرة