مصروفا نحو ندمان، وإذا نكر انصرف؛ لزوال علميته، كقولك: كل أفعل صفة لا ينصرف فيصرف أفعل؛ لأن دخول كل عليه سلب علميته وأوجب له التنكير، وليس بصفة، فليس فيه إلا وزن الفعل، وإن لم توضع لجنس ما يوزن بها، فإن وضعت كناية في موزونها نحو مررت برجل أفعل لم ينصرف عند سيبويه؛ لأنه كناية عن الوصف بمنزلة رجل أكرم، وصرفه المازني؛ لأنه لا معنى للوصف فيه، وإن كان موزونها مذكورا معها كقولك: وزن ضاربة فاعلة، ووزن طلحة فعلة، ووزن أصبع أفعلَ ففيه مذهبان:
أحدهما: أن حكم الوزن حكم نفسه، فلا ينصرف فاعلة، وفعلة؛ للعلمية والتأنيث، ولا أفعل، للعلمية ووزن الفعل.
والثاني: حكمه حكم موزونه فإن كان مصروفا انصرف الوزن، وإلا فلا، وعلى هذا تصرف فاعلة وأفعل؛ لانصراف ضاربة وأصبع، دون فعلة لعدم انصراف طلحة.
حجة الأوّل: أن حكمه حكم علم الجنس.
وحجة الثاني: أن علم الجنس خارج عن القياس في الأعلام، ولذلك احتيج إلى تأويله للدخول في حد (١) العلم؛ لكونه نكرة في المعنى، وإنما حكم لمفرداته بالعلمية، لوجود الحقيقة في المفرد، كوجودها في الجنس.
وأما أعلام الأوزان فإذا خرج مفرد منها إلى الوجود وجب اعتباره بنفسه؛ لعدم مشاركته للجنس في حقيقته حتى تعتبر تلك الحقيقة فيه.
وزعم بعضهم أن التنوين في قولك: فاعل مفاعلة، وفعلل فعللة مع وجود العلمية والتأنيث في المصدر تنوين المماثلة، وليس بتنوين الصرف، ومعنى تنوين المماثلة أنه مماثل لموزونه في التنوين، فإن موزونه منون.
ودليل علمية هذه الأوزان معاملتها معاملة المعارف في وصفها بالمعارف، ونصب الحال عنها، كقولك: فعلان الذي مؤنثه فعلى لا ينصرف، وأفعل صفة لا ينصرف. انتهى.
وهذه فائدة مهمة يكثر. دورانها في هذا الكتاب وغيره، فقررتها هنا لتستفاد.