للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيان أن الشكر هذه الأشياء، وأن الحمد بعضه مستشهدين به ليس بمستند إلى أصل.

ويمكن أن يقال: إن ثبت عند العلماء أن مقابلة النعمة باللسان وحده هو الحمد فمقابلتها بالأعضاء الثلاثة لا تكون الحمد، وإلا كان الشيء مع غيره كالشيء، لا مع غيره، وهو محال، فلا بد وأن يكون شيئا آخر، وليس في هذا الباب بالاستقراء ما يدل على هذا المعنى إلا المدح والشكر، وقد تقدم أن المدح يؤاخي الحمد في المساواة في المفهوم، فلم يبق إلا الشكر.

ويمكن أن يقال: الجزاء من جنس العمل، فإذا كانت النعمة الواصلة إلى المثني صادرة عن لسان المنعم تقابل باللسان، وهو الحمد، وإذا كانت صادرة عن يده بكف شره أو شر غيره تقابل بمثلها، وإذا كانت صادرة عن قلبه كذلك، وتسمى مكافأة، لا حمدا ولا شكراً.

وأما إذا كانت صادرة عن الأعضاء الثلاثة فتقابل بمثلها، وتسمى شكرا، من شكرت الناقة إذا غزر درها، فظهر أن في كل شكر حمدا، ولا ينعكس (١). انتهى.

قوله: (ولما كان الحمد من شعب الشكر).

قال الشريف: أي باعتبار المورد وإن كان أعمّ منه باعتبار المُتَعَلَّقِ، فيكون الشكر باعتباره أحد شعب الحمد، وعبر عن الأقسام بالشعب؛ لأنها متشعبة عن مَقْسِمِهَا (٢).

قوله: (كان أشيع): أي أكثر إشاعة.

وقال الشيخ أكمل الدين: هو أفعل من الإشاعة، وهو شاذ.

قال: والأولى أن يكون من الشيوع، من شاع الخبر (٣).

قوله: (في إِدْآبِ الجوارح) أي إتعابها.

قال في " النهاية ": دأب في العمل: إذا جدّ وتعب، إلا أن العرب حولت معناه

<<  <  ج: ص:  >  >>