تعالى أبلغ من اختصاص أفراده جمعا وفرادى، وفيه إشعار بأن حمد كل حامد، لكل محمود، حمد لله تعالى على الحقيقة؛ لأن الحمد إنما يكون على الفعل الاختياري بالجميل، وكل ما يصدر من الفعل من كل محمود فإنه فعل خلقه الله تعالى، فيكون الحمد المقابل الله خالقه.
وردّ بأن إباء المقام عن الاستغراق ممنوع؛ لأنه مقام خطابي يستدعي الحمل على الاستغراق، وبأن كون اختصاص حقيقة الحمد أبلغ ممنوع، فظهر من ذلك كله أن جعل اللام للحقيقة ليس أولى من الاستغراق إلا إذا كان مراده بكلامه ذلك أن جعل اللام موضوعة للاستغراق وهم، فإنها موضوعة للعهد (١). انتهى.
وقال الشريف: قوله: " ومعناه الإشارة " إلى آخره تصريح بأن معنى تعريف الجنس الإشارة إلى حضور الماهية في الذهن، وتميزها هناك من سائر الماهيات، فإن المُنَكَّرَ وإن دلّ على ماهية معقولة متميزة في الذهن حاضرة عنده إلا أنه لا إشارة فيه إلى تعينها وحضورها، فإذا عرف بلام الجنس فقد أشير إلى ذلك، والفرق بين حضورها وتعينها في الذهن، وبين الإشارة إلى حضورها وتعينها هناك مما لا خفاء فيه.
وتوهّم كثير من الناس أن معنى تعريف الجنس هو الاستغراق، ويبطله أن الاستغراق قد يتحقق في النفي والإثبات كما في لا رجل في الدار، وتمرة خير من جرادة، وليس معه تعريف أصلاً.
فإن قيل: قد حمل صاحب " الكشاف " المعرّف بلام الجنس في مواضع على الشمول والإحاطة، وهو معنى الاستغراق بعينه، فكيف جعله هنا وهما؟.
قلنا: الوهم كون الاستغراق معنى تعريف الجنس، لا كونه مستفادا من المعرّف باللام بمعونة المقام، وما نُقِلَ عنه من أن اللام لا تفيد سوى التعريف والإشارة، والاسم لا يدلّ إلا على مسماه، فإذن لا يكون ثَمَّة استغراق، أراد به أن ليس ثَمُّ استغراق هو مدلول الاسم، أو اللام، لا أنه لا يستفاد من القرائن الخارجية.
وتحقيق الكلام أن معنى التعريف مطلقا هو الإشارة إلى أن مدلول اللفظ معهود، أي معلوم متعين حاضر في ذهن السامع، يرشدك إلى ذلك ما فسر به