والآخر: أنه مستغرق لجميع ما تحته منها، فالمفيد لاختلاف الأنواع الجمع، والمفيد للاستغراق التعريف؛ إذ لو جمع مجردا (١) عن تعريف أفاد اختلاف الأنواع، ولو عرف مجردا عن الجمع أفاد الاستغراق، فظهر ضعف قوله:(جمع ليشمل) إذ الشمول من التعريف، لا من الجمع، وضعف قول الإمام: إن الجمع يوهي الإشعار بالاستغراق، فإن اختلاف الأنواع الذي قصد به الجمع لا ينافيه.
وقال صاحب " الانتصاف ": بنى كلامه على أن المفرد المعرف باللام يفيد الاستغراق، وهو مذهب المبرد، والمختار أنه لا يفيده، وأن الجمع المعرف يفيده.
وقال الطيبي: فإن قلت: أليس هذا مخالفا لقولهم: الاستغراق في المفرد أشمل.
قلت: لا، لأنهم يريدون أن الجمع قد يحتمل غير الشمول في بعض المقامات، والمفرد وإن دل على الشمول والاستغراق لكن الغرض استغراق الأجناس المختلفة، فلو أفرد وقيل: رب العالم لاحتمل الاستغراق شمول أفراد كل ما يصح عليه إطلاق اسم العالم، فلا تعلم نصوصية تعدد الأجناس وكثرتها كالجن والإنس والملائكة وغيرها كما تعلم من الجمعية، فجمع ليشمل ذلك المعنى.
قال: وأما ما ذكره صاحب " الانتصاف " فمندفع؛ لأن السؤال وارد على الجمع المحلى باللام، وتقريره ما سبق (٢).
وقال الشيخ أكمل الدين: ليس المراد بالجنس في قوله: (ليشمل كل جنس) ما هو المصطلح؛ لأنه إن أراد الأجناس العالية التي حصرها المقولات العشرة لا يكون العالمين شاملا للأجناس المتوسطة، وهي الأنواع الإضافية، ولا للأنواع السافلة؛ لعدم دلالة الأعم على الأخص، وإن أراد الأجناس المتوسطة لم يشمل الأنواع السافلة، والأصناف، والأفراد، فلا بد من شيء يصح به الكلام، فقال بعضهم: لما فسر العالم بمجموع الموجودات العالمة، أو بمجموع الموجودات