للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن ذلك أن العالم ينقسم قسمين:

أحدهما: ظاهر محسوس كعالم الملك.

والثاني: باطن معقول كعالم الملكوت، والإنسان كذلك انقسم إلى ظاهر محسوس كاللحم والعظم والدم وسائر أنواع الجواهر المحسوسة، وإلى باطن كالروح والعقل والعلم والإرادة والقدرة، وأشباه ذلك.

وقسمة أخرى: وذلك أن العالم قد انقسم بالعوالم إلى عالم الملك، وهو الظاهر للحواس، وإلى عالم الملكوت، وهو الباطن في العقول، وإلى عالم الجبروت، وهو المتوسط الذي أخذ بطرف من كل عالم منها، والإنسان كذلك انقسم إلى ما يشابه هذه القسمة، فالمشابه لعالم الملك الأجزاء المحسوسة، وقد علمتها، والمشابه لعالم الملكوت مثل الروح والعقل والقدرة والإرادة وأشباه ذلك، والمشابه لعالم الجبروت كالإدراكات الموجودة بالحواس، والقوى الموجودة بأجزاء البدن (١).

وقسمة أخرى: وذلك أن العالم إن حلل إلى ما علم به من أجزائه بالاستقراء فرأس الإنسان يشبه سماء العالم من حيث إن كل ما علاك فهو سماؤك، وحواسه تشبه الكواكب والنجوم من حيث إن الكواكب أجسام مشعة تستمد من نور الشمس، فتضيء بها، والحواس أجسام لطيفة مشفهّ تستمد من الروح فتضيء بذلك المدركات وروح الإنسان مشابهة للشمس، فضياء العالم، ونمو نباته، وحركة حيوانه وحياته فيما يظهر بتلك الشمس، وكذلك روح الإنسان به حصل في الظاهر نمو أجزاء بدنه ونبات شعره، وخلق حيوانه، وجعلت الشمس وسط العالم، وهي تطلع بالنهار، وتغرب بالليل، وجعلت الروح وسط جسم الإنسان، وهي تغرب بالنوم، وتطلع باليقظة، ونفس الإنسان تشابه القمر من حيث إن القمر يستمد من الشمس، ونفسه تستمد من الروح، والقمر خالف الشمس، والروح خالف النفس، والقمر آية ممحوة، والنفس مثلها، ومحو القمر في أن لا يكون ضياؤه منه، ومحو النفس في أن ليس عقلها منها، ويعتري الشمس والقمر وسائر الكواكب كسوف، ويعتري النفس والروح وسائر الحواس غيب وذهول.

وفي العالم نبات ومياه ورياح وجبال وحيوان ما وفي الإنسان نبات، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>