للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فظاهر هذا البيت يقتضي أن ذلك من لسان العرب.

وينبغي في إثبات مثل هذا إلى صحة نقل، ولا تغتر بكلام من قدمنا ذكره أن ذلك من لسان العرب، فليس بقول من هو ضابط في هذه الصناعة.

ونتكلم عليها - على تقدير أنها من كلام العرب - فنقول: القول على الإعراب مترتب على فهم المعنى، ومعنى هذا الكلام الإخبار أنه لا يملك درهما ولا ديناراً، وأن عدم ملكه للدينار (١) أولى، وكأنه قال: لا يملك درهما، فكيف يملك دينارا، أي إذا انتفى ملكه لدرهم كان أحق أن ينتفي ملكه لدينار؛ لأن من قدر على دينار كان في العادة قادرا على درهم؛ لأن القليل مندرج في الكثير، وكذلك إذا انتفى بقاء الصخرة الصماء على هذا القلق فكيف يبقى الرمق الذي عادته أن يفنى بأدنى شيء.

هذا شرح المعنى الذي يريده من يتكلم بهذا الكلام.

وأما الإعراب فنقل عن الفارسي أن " فضلا " يجوز نصبه على المصدر، أو الحال. انتهى ما نقل عنه. ونحن نقرر ذلك فنقول: " فضلا " ظاهره أنه من الفضلة، التي هي البقية، ومنه الفضالة، وهي الباقي من الشيء، يقال: فضل منه شيء، أي بقي، أو من فضل على زيد، أي زاد عليه في الخير.

قال الشاعر:

فكفى بنا فضلا على مَنْ غَيْرُنا. . . حب النبي محمد إيَّانا (٢)

أي زيادة على ناس غيرنا، ويقال منه لمن صار ذلك سجية له: فضل الرجل، بضم الضاد.

ويحتمل أن يخرج (٣) على هذين الاشتقاقين، وهما معنى البقية، ومعنى الزيادة، فإذا جعلناه مصدرا فلابد له من عامل، ولم يتقدمه ما يصلح أن يكون عاملا فيه، فيحتاج إلى إضماره، وتقديره: يفضل فضلا عن دينار، ففي " يفضل " ضمير يعود إلى الدرهم، ويفضل في موضع الصفة، ويصير المعنى أنه لا يملك

<<  <  ج: ص:  >  >>