للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا تقررت هذه الطريقة فيتخرج قولك: هذا لا يملك درهما عن دينار، على هذه الطريقة، أي لا درهم له، فيفضل عن دينار له، وإذا انتفى ملكه للدرهم كان انتفاء ملكه للدينار أولى.

وإنما جعله أبو عليّ منصوبا على المصدر، فاحتيج في ذلك إلى إضمار فعل، وذلك الفعل في موضع الصفة، ولم يجعل " فضلا " صفة للدرهم؛ لأنه لا يكون المصدر صفة إلا إذا كان فيه معنى المبالغة، فلكثرة وقوع المصدر من الموصوف جعل كأنه وصف له، نحو قولهم: رجل صوم، أي كثير الصوم، ورجل زور، أي كثير الزيارة، وهذا المعنى مفقود هاهنا.

وأما من تأوّل المصدر بمعنى مطلق اسم الفاعل، أو على حذف ذي، أي صائم، وزائر، أو ذو صوم، وذو زور فإنه يجوّز في هذه المسألة أن يكون التقدير في " فضلا " فاضلاً، أو ذا فضل، وليس ذلك قول من تحقق في العربية، بل الصحيح أن المصدر لا يوصف به إلا إذا أريد به المبالغة.

وإذا جعلنا " فضلا " منصوبا على الحال فلا يكون حالا من زيد؛ لأن فضلا عن دينار ليس من أحوال (١) زيد، ولا من صفاته، إنما يكون من أوصاف الدرهم، ويحتمل تخريجه على الحال وجهين:

أحدهما: أن يكون حالا من درهم وإن كان نكرة؛ لأن الحال قد تأتي من النكرة، وخصوصا إذا قبح الوصف بها، وقد قبح بما قدمناه من أن المصدر في أجود الأقوال لا يوصف به حتى يراد به المبالغة، وقد جاءت الحال من النكرة في قولهم: مررت بماء قعدة رجل، وقوله تعالى (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) [سورة البقرة ٢٦٥] وقد قاس سيبويه ذلك في كتابه (٢).

والوجه الثاني: أن يكون حالا من المصدر المضمر في الفعل، على ما قرره سيبويه في قولهم: ساروا سريعا، لم يجعل سريعا نعتا لمصدر محذوف، أي سيرا سريعا، إنما جعله حالا من الضمير الذي للمصدر، كأنهم قالوا: ساروه، أي ساروا السير سريعا، أي في حال سرعته، فكذلك لا يملك درهما، أي لا يملكه، أي الملك في حال كونه فاضلا عن دينار، أي عن ملك دينار.

<<  <  ج: ص:  >  >>