للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن جني في " الخصائص: وكان أبو علي يقول قول أبي الحسن في قولهم: إني لأمر بالرجل مثلك: إن اللام زائدة، حتى كأنه قال: إني لأمر برجل مثلك، لما لم يكن الرجل هنا مقصودا معينا على قول الخليل: إنه تراد اللام في المثل، جتى كأنه قال: إني لأمر بالرجل المثل لك.

قال: لأن الدلالة اللفظية أقوى من الدلالة المعنوية، أي أن اللام (١) ملفوظ بها، وهي في قول الخليل مرادة مقدرة.

قال: وهذا القول من أبي عليِّ غير مرضي عندي، وذلك أنه جعل لفظ اللام دلالة على زيادتها، وكيف يكون لفظ اللام دليلا على زيادتها؟ وإنما جعلت الألفاظ أدلة على إثبات معانيها، لا على سلبها.

وإنما الذي يدل على زيادة اللام هنا هو كونه مبهما، لا مخصوصا، ألا ترى أنك لا تفصل بين معنيي قولك: إني لأمر برجل مثلك، وإني لأمر بالرجل مثلك في كون كل واحد منهما منكورا غير معروف، ولا مُومَأً به إلى شيء بعينه، فالدلالة أيضاً من هذا الوجه - كما ترى - معنوية، كما أن إرادة الخليل اللام (٢) في مثلك إنما دعا إليها جريه صفة على شيء، هو في اللفظ معرفة، فالدلالة (٣) إذن كلتاهما معنويتان (٤) انتهى.

وقد جعل صاحب " الكشاف " هذا المثال لغزاً فقال في " أحاجيه ": أخبرني عن مُعَرَّفٍ في حكم التنكير.

وقال في شرحه: تقول ما دخلت على الرجل مثلك إلا أكرمني، كأنك قلت: على رجل مثلك.

والذي سوغ ذلك ما فيه من الإبهام؛ لوقوعه على غير معين، ألا ترى أن النكرة والمعرفة في نحو هذا الموقع لا يكاد يبين الفرق بينهما، ولا يتفاوت المعنيان تفاوتا ظاهرا، وذلك أن معنى على رجل مثلك: على واحد غير معين من جنس الرجال، ومعنى على الرجل مثلك: على الواحد من آحاد هذا الجنس، مشارا

<<  <  ج: ص:  >  >>