والجواب عن الأوّل: أن الفرق بين الهدى والاهتداء معلوم بالضرورة، فمقابل الهدى هو الإضلال، ومقابل الاهتداء هو الضلال، فجعل الهدى في مقابلة الضلال ممتنع.
وعن الثاني: أن المنتفع بالهدى يسمى مهديا، وغير المنتفع به لا يسمى مهديا؛ لأن الوسيلة إذا لم تفض إلى المقصود كانت نازلة منزلة العدم.
وعن الثالث: أن الائتمار مطاوع الأمر يقال: أمرته فائتمر، ولم يلزم منه أن يكون من شرط كونه أمرا حصول الائتمار، فكذا هذا (١). انتهى كلام الإمام.
قال الطيبي: والجواب عن إثبات الهدى مع عدم الاهتداء في آية (وأما ثمود) أن يقال: لا نسلم حصول الهدى الحقيقي؛ لأن المراد بإثبات الهدى تمكينهم عليه، بسبب إزاحة العلل من بعثة الرسول، وبيان الحق.
وعن قوله:" فجعل الهدى في مقابلة الضلال ممتنع " أن لو كان ممتنعا لم يقع في الآيتين، ولأن المراد بالمقابلة في الصناعة: الجمع بين اللفظين الدالين على المعنيين المتضادين حقيقة، أو تقديرا، سواء كانا متعديين، أم لازمين، أم أحدهما متعديا والآخر لازما، وهذا المعنى موجود في الآيتين، لا سيما في الأولى، فإنه صريح فيها لتوسيط كلمة التقابل.
وعن قوله:" إن المنتفع بالهدى يسمى مهديا، بخلاف غيره تنزيلا له منزلة العدم " أن هذا مجاز، والمهدي من الأوصاف التي تستعمل في المدح مطلقا، وذلك علامة الحقيقة.
وعن قوله:" أمرته فائتمر " ما قاله البزدوي (٢) في أصوله أن قضية الأمر لغة أن لا يثبت إلا بالامتثال؛ لأن أمر فعل متعد، لازمه ائتمر، ولا وجود للمتعدي إلا أن يثبت لازمه، كالكسر لا يتحقق إلا بالانكسار، إلا أن ذلك لو ثبت بالأمر نفسه لسقط الاختيار من المأمور أصلا، وللمأمور ضرب عندنا من الاختيار (٣).
ومعنى هذا الكلام أن أصحاب اللغة ما أثبتوا لكل فعل متعد لازما إلا إذا اتفقا