للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قراءة (لَا رَيْبَ فِيهِ) بالرفع فهو وإن كان نكرة في سياق النفي لكنه نقيض قولنا: ريب فيه، وهو يحتمل أن يكون إثباتا لفرد واحد منها، ونفيه يفيد انتفاءه (١).

وقال الزجاج: إذا قلت: لا رجلٌ في الدار جاز أن يكون فيها رجلان، وإذا قلت: لا رجلَ في الدار فهو نفي عام (٢).

وقال الشيخ أكمل الدين: قد رد ما ذكره صاحب " الكشاف " من الفرق بأن (ريب) في (لَا رَيْبَ فِيهِ) نكرة، والنكرة في سياق النفي تعم، فينتفي جميع آحاد الريب، فلا فرق في ذلك بين نفي الجنس وغيره.

قال: والجواب أنه غلط؛ لأن الذي ذكره من كون النكرة تعم دليل جواز الاستغراق؛ إذ لولا ذلك لكان نكرة في سياق الإثبات، ولم تكن عامة، ولأن المبني في تقدير " من " الاستغراقية؛ لكونها مؤكدة للنفي، والنفي المؤكد ليس كغيره، وإلا كان الشيء مع غيره كالشيء لا مع غيره، ولأن " من " المقدرة زائدة، لعدم اختلال أصل المعنى بتركه، وأَقَلُّ مراتبها التأكيد، وتأكيد العام ينفي احتمال الخصوص، فكان محكما في الاستغراق، لا يفارقه، وليس كذلك الذي مع " لا " المشبهة بليس، فإن احتمال الخصوص فيه باق؛ لعدم ما يقطعه، فكانت دلالته على الاستغراق جائزة الافتراق، وهو ظاهر لا محالة (٣).

وقال أبو حيان: قرئ بالرفع، والمراد أيضاً الاستغراق؛ بأنه لا يريد نفي ريب واحد عنه، فيكون مبتدءا، و (فيه) الخبر، وهذا ضعيف، لعدم تكرار " لا "، أو يكون أعملها إعمال ليس، وهو ضعيف، فيكون (فيه) في موضع نصب على قول الجمهور من أن لا إذا أعملت عمل ليس رفعت الاسم، ونصبت الخبر (٤).

قوله: (ولم يقدم كما قدم في قوله (لَا فِيهَا غَوْلٌ) لأنه لم يقصد تخصيص نفي الريب به من بين سائر الكتب، كما قصد ثمة).

قال أبو حيان: انتقل الزمخشري من دعوى الاختصاص بتقديم المفعول إلى دعواه بتقديم الخبر، ولا نعلم أحدا يفرق بين: ليس في الدار رجل، وليس رجل في الدار (٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>