قال بعض أرباب الحواشي: أجاز الماوردي أن تكون الآخرة صفة للنشأة الآخرة (١)، لقوله تعالى (ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ)[سورة العنكبوت ٢٠]
قوله:(فغلبت كالدنيا)
الشيخ أكمل الدين: قال الزمخشري: " الغلبة تكون في الأسماء، كالبيت على الكعبة، وقد تكون في الصفات كالرحمن غير مضاف، وقد تكون في المعاني كالخوض على الشروع في الباطل خاصة، وهاهنا في الصفات، وكذا الدنيا، ثم إنهما مع الغلبة المذكورة جرتا مجرى الأسماء لما غلب حذف موصوفهما معهما.
وقد فرق بين ما غلب من الصفات فاستعمل في موصوف معين كالرحمن، وبين ما جرى مجرى الأسماء بحذف الموصوف، كالذي نحن فيه بأن استعمال الأول في موصوف معين سبب صيرورته من الصفات الغالبة، واستعمال الثاني بدون الموصوف سبب جريانه مجرى الأسماء (٢). انتهى.
قوله:(ونظيره:
لَحُبَّ المُؤْقِدانِ إلَيُّ مُؤْسَى. . . وجَعْدةُ إذ أضاءهما الوُقُوْدُ)
قال الطيبي: هو لجرير (٣)، و " مؤسى " و " جعدة " ابناه، وهما عطفا بيان لقوله: " المؤقدان " كانا يوقدان نار القرى، و " إذ أضاءهما " بدل اشتمال منهما، يحمد أفعالهما ويشكر صنيعهما، واللام في " لحب " للقسم، و " حب " فعل ماض، بضم الحاء وفتحها من " أحبَّ " و " حبَّ " والمعنى: وحبب الله إليّ وقت إضاءة وقودهما
إياهما.
هكذا روى سيبويه بقلب الواو في " المؤقدان "، و " مؤسى " همزة (٤). انتهى.
وقال الشيخ أكمل الدين: المعنى ما أحبهما إليّ حيث اشتهرا بالكرم، وكنُّى عن الاشتهار بالكرم بإضاءة الوقود، والمراد بالوقود وقود نار القرى، فإنه المراد عند الإطلاق من استعمال العرب، واللام جواب القسم المحذوف، ولم يؤت