النحويين -، فوزنه عال، والنقص والإتمام فيه متساويان في كثرة الاستعمال ما دام منكورا، فإذا دخلت الألف واللام التزموا فيه الحذف، فقالوا: الناس، ولا يكادون يقولون: الأناس إلا في الشعر، كقوله:
وحجة هذا المذهب وقوع الأنس على الناس، فاشتقاقه من الأنس نقيض الوحشة؛ لأن بعضهم يأنس ببعض.
وذهب الكسائي إلى أن الناس لغة مفردة، وهو اسم تام، وألفه منقلبة عن واو.
واستدل بقول العرب في تحقيره نويس.
قال: ولو كان منقوصا من أناس لرده التحقير إلى أصله، فقيل: أنيس.
وقال بعض من وافق الكسائي في هذا القول: إنه مأخوذ من النوْس، مصدر ناس ينوس إذا تحرَّك، ومنه قيل لملك من ملوك حمير: ذو نواس؛ لضفيرتين كانتا تنوسان على عاتقه.
قال الفراء: والمذهب الأول أشبه، وهو مذهب المشيخة.
وقال أبو عليٍّ: أصل الناس الأناس، فحذفت الهمزة التي هي فاء، ويدلك على ذلك الإنس والأناسي، فأمَّا قولهم في تحقيره: نويس فإن الألف لما صارت ثانية زائدة أشبهت ألف ضارب، فقيل: نويس، كما قيل: ضويرب.
وقال سلمة بن عاصم (٢) - وكان من أصحاب الفراء -: الأشبه في القياس أن يكون كل واحد منهما أصلا بنفسه، وأناس من الأنس، وناس من النوس، لقولهم في تحقيره: نويس، كبويب في تحقير باب (٣). انتهى.
وقال ابن جني في " الخصائص ": الناس أصله أناس، قال الشاعر (٤):
وإنَّا أُنَاسٌ لا نَرَى القَتْلَ سُبَّةً. . . إذا ما رَأَتْهُ عَامِرٌ وَسَلُوْلُ
ولا تكاد الهمزة تستعمل مع لام التعريف، غير أن أبا عثمان أنشد: