للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أن الاشتقاق إنما يكون في (١) الأفعال والصفات، والناس، والإنسان اسم عين، لا فعل، ولا صفة، فكيف يصح اشتقاقه؟.

والثاني: أن أنس فعل، والفعل لا يشتق منه إلا على رأي الكوفيين.

قلت: هذه غفلة عن معنى الأخذ، وظن أنه مرادف للاشتقاق، وليس كذلك كما تقرر في أصولي الفقه والنحو من أن دائرة الأخذ أو سع من دائرة الاشتقاق.

وتحقيقه - على ما يؤخذ من " الخصائص " لابن جني وغيره - أن كل مادة ثلاثية فإن لها تقاليب ستة، منها المستعمل والمهمل، فالمستعمل منها يشترك في أمر عام يرجع إليه الأخذ.

مثاله مادة الكلام، ك ل م، فهذه الحروف الثلاثة بتقاليبها تدل على التأثير بشدة، فمنه الكَلامُ؛ لتأثيره في النفس، والكَلْمُ، وهو الجرح؛ لتأثيره في البدن، والمِلْكُ، لتأثيره في التضرّف في الأعيان، والمُلْكُ؛ لتأثيره في التصرف فيما زاد على المِلك، والمَلْكُ بالفتح، وهو شدة التأثير في العجين، واللَّكْمُ، وهو أشد الضرب، وتأثيره واضح، والكَمَال؛ لتأثيره في المعنى المقصود له، فهذه أربع تقاليب مستعملة.

وبقي اثنان مهملان، مَكْلٌ، لَمْكٌ، وكلها راجعة إلى مادة ك ل م، أعني الحروف الثلاثة، فهذا هو معنى الأخذ، وليس فيه اشتقاق (٢).

والحاصل أن حروف المادة كالخشب مثلا يتخذ منه سرير، وباب، وكرسي، إلى غير ذلك، فأسماؤها وصيغها مختلفة، ومادتها المأخوذة منها شيء واحد، وهو في الألفاظ كذلك من غير اشتقاق، ولا موافقة في معنى، ولا عمل.

قوله: (ولذلك سموا بشرا)

في بعض الحواشي: أراد أن بشرتهم ظاهرة، وبشرة غيرهم مستترة بصوف، أو ريش، أو غيره.

قوله: (واللام فيه للجنس، و " من " موصوفة؛ إذ لا عهد، كأنه (٣) قال: ومن الناس ناس يقولون، وقيل: للعهد، والمعهود هم الذين كفروا، أو " من " موصولة مرادا (٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>