للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: (إني سقيم) فإنه عليه السلام أوهمهم أنه استدل بأمارة علم النجوم على أنه سيسقم ليتركوه، فيفعل بالأصنام ما أراد أن يفعل، أو سقيم لما أجد من الغيظ والحنق باتخاذكم النجوم آلهة (١)

قال الشيخ سعد الدين: وأما قوله: هذه أختي فالغرض منه الأخوة في الدين، تخليصا من يد الظالم. (٢)

قال الطيبي: فإن قلت: فإذا شهد له الصادق المصدوق بالبراءة فما باله (٣) يشهد على نفسه بها؟

قلت: نحن وإن أخرجناها عن مفهوم الكذبات باعتبار التورية، وسميناها معاريض فلا ننكر أن صورتها صورة التعريج عن المستقيم، فالحبيب قصد إلى براءة ساحة الخليل عما لا يليق بها، فسماها معاريض، حيث قال: ما حل، أي جادل، وهو معنى التعريض؛ لأنه نوع من الكناية، والخليل لمح إلى مرتبة الشفاعة هنالك، وأنها مختصة بالحبيب، فتجوز في الكذبات.

ويمكن أن يقال: إنهم من هول ذلك اليوم، وما بهم من شأن أنفسهم يدفعونهم بذلك.

هكذا ينبغي أن يتصور هذا المقام؛ فإنه من مزال الأقدام، ألا ترى إلى الإمام كيف ذهل عن ذلك، وطعن في الأئمة، وقال في سورة يوسف: الأولى أن لا يقبل مثل هذه الأحاديث؛ لئلا يلزمنا تكذيب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولا شك أن صونهم عن نسبة الكذب إليهم أولى من صون الرواة. (٤) انتهى.

قلت: قد وقع مثل ذلك (٥) للإمام في غير ما حديث صحيح أنكره اعتمادا على صعوبة ظاهره، وكذا وقع أيضاً للقاضي أبي بكر الباقلاني، ولإمام الحرمين، ولابن فورك (٦)، وللقاضي عياض، وللغزالي، وآخرين أجلاء، أنكروا أحاديث، وهي صحيحة

<<  <  ج: ص:  >  >>