للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الراغب: الفرق بين عدا، وطغى، وبغى أن العدوان تجاوز المقدار المأمور بالانتهاء إليه والوقوف عنده، وعلى ذلك قال (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) [سورة البقرة ١٩٤] أي من تجاوز معكم المقدار المأمور بالانتهاء إليه فتجاوزوا معه قدره، لتكون العدالة محفوظة في المجازاة.

وأما الطغيان فتجاوز المكان الذي وقفت فيه، ومن أخَلَّ بمَا عيِّنَ له من المواقف الشرعية، والمعارف العقلية، فلم يرعها فيما يتحرَاه ويتعاطاه فقد طغى، وعلى ذلك (لما طغى الماء) [سورة الحاقة ١١] أي تجاوز الحد الذي كان عليه من قبل.

والبغي طلب تجاوز قدر الاستحقاق، تجاوزه أم لم يتجاوزه، وأصله الطلب، ويستعمل في التكبر؛ لأن المتكبر طالب منزلة ليس لها بأهل (١).

قوله: (والعَمَهُ في البصيرة كالعمى في البصر)

ظاهره اختصاص كل بما ذكر، وهو الذي ذكره ابن عطية (٢)، وكلام الإمام بخلافه، حيث قال: العمه مثل العمى إلا أن العمى عام في البصر والرأي، والعمه في الرأي خاصة، وكذا في " المفردات " للراغب (٣).

قوله: (قال:. . . . أَعْمَى الهُدَى بِالجَاهِلِيْنَ العُمَّهِ (٤))

هو لرؤبة يصف مضلة، وقبله:

ومَخْفِقٍ مِنْ لُهْلُهٍ ولُهْلُهِ (٥). . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..

ومَهْمَهٍ أطْرَافُهُ فِيْ مَهْمَهٍ (٦). . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..

المهمه المفازة، أراد أنها لا تنتهي سعة، بل أطرافها من جوانبها في مفازة أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>