للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشيخ: سعد الدين: المعنى أنت أسد، فهو في حكم المنطوق.

قال: وفي التمثيل بهذا البيت إشارة إلى أن ذكر المشبه به وإن ذكر بعده ما يشعر بأنه ليس في معناه، كلفظ " عَلَيَّ " فالكلام تشبيه.

لكنا نقول: النزاع في هذا المقام ليس لفظيا محضا، بل مبنيا على أن اسم المشبه به هاهنا في معناه الحقيقي، حتى لا يستقيم الكلام إلا بتقدير الكاف، فيكون تشبيها أوفي معنى المشبه، كالرجل الشجاع مثلا، ليكون استعارة لمعنى اللفظ المستعمل فيما شبه بمعناه الأصلي، ويصح الحمل من غير تقدير الكاف.

قال: وهذا هو المختار عندي، وقد شهد به الاستعمال، فإن معنى " أسد عليّ " مجترئ صائل، ومعنى انعامة في الحروب " جبان هارب.

وتقول: هو أخي في الله، وهم إخوتنا في الدين.

قال ابن مالك: إذا قلت: هذا أسد مشيرا إلى السبع فلا ضمير في الخبر، وإذا قلت: مشيرا إلى الرجل الشجاع ففيه ضمير مرفوع به؛ لأنه متأوّل بما فيه معنى الفعل، ولو أسند إلى ظاهر لرفعه كقولك: رأيت رجلا أسدا أبوه (١).

وقال الشريف: " أسد عَلَيَّ " جاز تعلق الظرف به؛ لملاحظة ما يلزمه من الجراءة؛ لأنه مستعمل في معنى مجترئ صائل، وإلا كان مجازا مرسلا، وفات معنى التشبيه بالكلية، كما في قولك: زيد شجاع، أو مجترئ، وكذلك الحال في نعامة يلاحظ معهما معنى الجبن والفرار.

وما قيل من: أن " أسدا " في " زيد أسد " مستعمل في المشبه، أي الرجل الشجاع، فيكون استعارة = مردود بأن هذا المجموع ليس مشبها بالأسد؛ فإن الشجاعة خارجة عن الطرفين اتفاقا.

والحق أن أسدا مستعمل هناك في معناه الحقيقي، وقد حمل على زيد، بناء على دعوى كونه من أفراده، فلا يظهر حينئذ تقدير الأداة؛ لفوات المبالغة، فإنك إذا قلت: زيد كالأسد، فقد جعلت مشابهته للأسد مقصودة بالإثبات، وإذا قلت: زيد أسد كان مقصودك إثبات حمله عليه، لا مشابهته إياه، كما في سائر أفراده، ثم إنه قد يلاحظ - على سبيل التبعية لمعناه الحقيقي - ما يلزمه من الجراءة والصولة وغيرهما من المعاني اللازمة، فيعمل في الظرف باعتبار ذلك المعنى التابع، وقد يرفع به

<<  <  ج: ص:  >  >>