(٢) في ح: ورقى (٣) لا تغيب عن أذهاننا في خضم هذا الثناء البالغ حقيقة الزمخشري وكشافه، فإنه -سامحه الله- رجل مجاهر بالاعتزال، مباه به، قد وظب مقدرته البلاغية، وملكته الأدبية في لَيِّ أعناق النصوص الشرعية، وقيادها إلى مذهبه، وفي محاولة إفساد استدلال أهل السنة بها على الحق الذي دلت عليه، وفي الازدراء بأهل السنة، ونبزهم بالألقاب الشنيعة وتشييد أركان الاعتزال ورفع أهله، فأصبح كتابه -بجانب إظهار النكت البلاغية، واللطائف الإعجازية التي تميز بها- حشو بدع وضلالات. ويحتال للألفاظ حتى يديرها لمذهب سوء فيه أصبح مارقًا وهاك بعض مقالات أهل العلم الذين سبروا كتابه، وخبروا شأنه، قال العلامة تاج الدين السبكي في كتابه: معيد النعم ومبيد النقم ص٨٠: واعلم أن الكشاف كتاب عظيم في بابه، ومصنفه إمام في فنه إلا أنه رجل مبتدع متجاهر ببدعته، يضع من قدر النبوة كثيرًا، ويسيء أدبه على أهل السنة والجماعة، والواجب كشط ما في الكشاف من ذلك كله. ولقد كان الشيخ الإمام يقرئه فلما انتهى إلى الكلام على قوله تعالى في سورة التكوير: {إنه لقول رسول كريم} أعرض عنه صفحًا، وكتب ورقة حسنة سماها: سبب الانكفاف عن إقراء الكشاف. وقال فيها: قد رأيت كلامه على قوله تعالى: {عفا الله عنك} وكلامه في سورة التحريم في الزلة، وغير ذلك من الأماكن التي أساء أدبه فيها على خير خلق الله تعالى سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأعرضت عن إقراء كتابه حياء من النبي - صلى الله عليه وسلم -، مع ما في كتابه من الفوائد والنكت البديعة. وقال السيوطي نفسه في كتابه التحبير في علم التفسير ص٥٤٥: وممن لا يقبل تفسيره: المبتدع، خصوصًا الزمخشري في كشافه، فقد أكثر فيه من إخراج الآيات عن وجهها إلى معتقده الفاسد بحيث يسرق الإنسان من حيث لا يشعر، وأساء فيه الأدب على سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - في مواضع عديدة، فضلاً عن الصحابة وأهل السنة، وقد أحسن الذهبي إذ ذكره في الميزان وقال: كن حذرًا من كشافه. وانظر: في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ١٣/ ٣٥٩ والبحر المحيط لأبي حيان ٧/ ٨٥. (٤) لم أر هذين البيتين في ديوان الزمخشري. وانظر: في معجم الأدباء ٦/ ٢٦٨٩، وبغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ٢/ ٢٨٠. (٥) في ت، د: الذي يميز.