كما يقال: ائتوا من زيد بكتاب أي من عنده، ولا يصح إئتوا من عند مثل القرآن بخلاف مثل العبد، وهذا أيضاً بين الفساد. انتهى.
قال الشريف: أورد على هذا الوجه أنه لم لا يجوز أن يكون الضمير حينئذ لما نزلنا أيضاً؟ كما جاز ذلك على تقدير كون الظرف صفة للسورة؟ وأجيب بوجهين:
الأول: إن فأتوا أمر قصد به تعجيزهم باعتبار المأتي فلو تعلق به قول (من مثله) وكان الضمير للمنزل تبادر منه أن له مثلا محققا وإن عجزهم إنما هو عن الإتيان بشيء منه وهو فاسد، بخلاف ما إذا رجع الضمير إلى العبد فإن له مثلا في البشرية والعربية والأمية فلا محذور.
والثاني: إن كلمة - (من) - على هذا التقدير ليست بيانية إذ لا مبهم هناك. وهي أيضاً مستقر أبداً فلا تتعلق بالأمر لغوا ولا تبعيضية، وإذا كان الفعل واقعا عليه حقيقة، كما في قولك: أخذت من الدراهم، ولا معنى لإتيان البعض بل المقصود الإتيان بالبعض ولا مجال لتقدير الباء مع وجود من، كيف وقد صرح بالمأتي به أعني بسورة، فتعين تكون ابتدائية، وحينئذ يجب كون الضمير للعبد، لأن جعل المتكلم مبدأ للاتيان بالكلام منه معنى حسن مقبول بخلاف جعل الكلام مبدأ للإتيان بما هو بعض منه، ألا ترى أنك إذا قلت: إئت من زيد بشعر كان القصد إلى معنى الابتداء أعني إبتداء الإتيان بذلك الشعر من زيد مستحسناً فيه، بخلاف ما إذا قلت: إئت من الدراهم بدرهم، فإنه لا يحسن فيه قصد الابتداء ولا تر تضيه فطرة سليمة وإن فرض صحة ما قيل في النحو من أن جميع معانيها راجعة إليه ولا نعني بالمبدأ الفاعل ليتوجه أن المتكلم مبدأ الكلام نفسه لا للإتيان بالكلام منه بل ما يعد عرفاً مبدأ من حيث