الأعلى، كما يقال: فلان يعطي الأموال ما الدينار وما الديناران، وأما ههنا فهم أنكروا ضرب المثل بالذباب، فلا يستقيم أن تكون البعوضة فما فوقها في الصغر أو الكبر على اختلاف المذهبين، تنبيها بالأقل على الأكثر إذ هي وما فوقها الأكئر في الحقارة ولا تجد لتصحيح المعنى وجها.
قال: وإنما أطلت لأنه موضع ضيق يبعد فهمه، وحسبك بمعنى انعكس فيه فهم الزمخشرئي، وقال صاحب الانتصاف: لو تأمل كلام الزمخشري لوجد جواب اعتراضه فيه لأنه قال: أجيبوا بأن الله لا يستحي أن يضرب [من الأمثال ما يشاء، فما البعوضة فما فوقها وذلك أن المسلوب عنه تعالى أن يستحي أن يضرب] مثلا وهو نكرة في سياق النفي فيعم كل مثل على اختلاف أنواعه، فما البعوضة فما فوقها في الكبر إذ الكل في الجواز سواء.
أو فما البعوضة فما فوقها في الحقارة إذا المبالغة في تحقيره لا يخرجه عن كونه مثلا، والكل جائز، ولا يلزم في الاستفهام (بما) أن يكون من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى بل قد يكون للإنكار على من سمع قاعدة قد تقررت، فسال عن بعض جزئياتها وقال: لم جاز هذا مع وضوح الدليل على جواز الكل لاشتراك الجميع في علة واحدة، وليس بعجيب ما وهم فيه فظنه من ضيق مجال هذا البحث، فقد قال الشاعر:
وكرم من عانب قولا صحيحا .... وافته من الفهم السقيم