للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت في أوله. ثم أثبتها الصحابة في المصحف خطًّا في أوّل كل سورة سوى براءة، فاختلف العلماء هل كان ذلك لأنها أنزلت حيث كتبت، أو فعل ذلك للتبرك كما في غيره، ولم يكتف بها في أول الفاتحة، بل أعطيت كل سورة حكم الاستقلال إرشادا لمن أراد افتتاح أيّ سورة منها إلى البسملة في أولها.

ولما فقد هذا المعنى حين التلاوة بوصل السورة اختلف القراء فيه: فمنهم من اتبع المصحف فبسمل مستمرا على ذلك، إذ القراءة في اتباع الرسم شأن يُخَالَفُ لأجله قياس اللغة، على ما قد عرف في علم القراءة، فما الظن بهذا؟.

وقد كان تقرر عندهم أن المصحف لم تكتبه الصحابة إلاّ ليرجع إليه فيما كانوا اختلفوا فيه.

ومنهم من فهم المعنى فلم يبسمل إلاّ في أوّل سورة يبتدئ بها (١).

وقد صحّ أن النبي صلى الله عليه وسلّم لما أنزلت الكوثر وتلاها على الناس بسمل في أوّلها (٢).

وكذا لما قرأ سورة حم السجدة على عتبة بن ربيعة (٣)، ولما تلا سورة


(١) قال أبو شامة في إبراز المعاني من حرز الأماني ١/ ٢٢٧ في شرح بيت:
وبسمل بين السورتين بسنة ... رجال نموها درية وتحملا
لمبسملون من القراء هم الذين رمز لهم في هذا البيت من قوله: بسنة، رجال، نموها، درية [وهم قالون والكسائي، وعاصم، وابن كثير] وعلم من ذلك أن الباقين لا يبسملون، لأن هذا من قبيل الإثبات والحذف.
(٢) رواه مسلم ١/ ٣٠٠ ح ٥٤ وأبو داود ١/ ٥٠٧ ح ٧٨٠ والنسائي ٢/ ١٣٤ ح٩٠٤ من حديث أنس.
(٣) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه ١٤/ ٢٩٥ وعنه عبد بن حميد في مسنده (المنتخب ٣/ ٦٢) وأبو يعلى في مسنده ٣/
٣٤٩ من طريق علي بن مسهر، عن الأجلح، عن الذيال بن حرملة، عن جابر بن عبد الله قال. فذكره.
ورواه أبو نعيم في دلائل النبوة ١/ ٢٩٩ من طريق منجاب بن الحارث، عن علي بن مسهر، ورواه البيهقي في دلائل النبوة ٢/ ٢٠٢ وابن عساكر في تاريخ دمشق ٣٨/ ٢٤٢ من طريق يحيى بن معين، عن محمد بن فضيل، عن الأجلح، ورواه الحاكم في المستدرك ٢/ ٢٥٣ من طريق جعفر بن العون، عن الأجلح. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ٦/ ١٧ فيه الأجلح الكندي، وثقه ابن معين وغيره، وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات. وقال الحافظ ابن حجر: صدوق شيعي. التقريب ١٢٠ قلت: الحديث حسن إذن.

<<  <  ج: ص:  >  >>