قوله:(لما فيه مع التقديم من تكرار المفعول، والفاء الجزائية الدالة على تضمن الكلام معنى الشرط، كأنه قيل: إن كنتم راهبين شيئا فارهبون) قال الطيبي: هذا الذي قاله القاضي على خلاف رأي صاحب الكشاف لأنه جعل التركيب من باب الإضمار على شريطة التفسير لقوله: هو من قولك: زيداً رهبته، فإن هذا التركيب أكد في إفادة الاختصاص من إياك نعبد، إذا قدرت المفسر بعد المنصوب لتكرير الجملة المفيدة للتخصيص بخلاف إياك نعبد، فإن فيه تقديما فقط. قال صاحب المفتاح: وأما زيداً عرفته، فأنت بالخيار، إن شئت قدرت المفسر قبل المنصوب وحملته على التأكيد، وإن شئت قدرته بعده وحملته على باب التخصيص، والمقام يقتضي الثاني لسباق الكلام وسياقه، وأما إذا جعل من باب الشرط فلا وجه أن يقابل بقوله: إياك نعبد، إذ لا مناسبة بينهما، نعم لو قدر إن كنتم تخصون أحداً بالرهبة فخصوني بها أفاد التخصيص لكن تقدير الشرط أحط وأضعف من إياك، لأن التقديم يستدعي وقوع الفعل جزما، والشرط على الفرض والتقدير. قال: فإن قلت: كيف عطف الجملة المؤكدة على مؤكدها والعطف يقتضي المغايرة؟ قلت: المغايرة حاصلة. لأن المراد من التكرار الترقي من الأهون إلى الأغلظ، فإن في التعقيب اتصال الراهبة برهبة هي أعلى منها من غير تخلل شيء آخر، كقولهم: الأفضل فالأفضل، والأكرم فالأكرم، لم يريدوا به افضلين وأكرمين، بل الترقي انتهاء الوسع والإمكان.
قال صاحب الكشاف، في قوله تعالى:{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا} أي كذبوه تكذيبا عقب تكذيب، ففيه إشعار بمزيد