فعل محذوف يريد التعميم والمبالغة، ويقدر في كل موضع بحسب ما يليق به ولو قدر في الجمع مهما يكن من شيء لم يكن به بأس، ثم لما حذف الفعل وجعل مفعوله عوضا عن فعل الشرط لفظا، زحلقت الفاء إلى المفسر على معنى أن الفاء العاطفة التي كانت فيه أولا جعلت فيه جزائية بعد الحذف لئلا يلزم تقديم ما في حيز الجزاء على فائه، وإن كان بعد الفعل ما يشغل، كالذي نحن فيه، فلا يجوز أن يكون معمول المذكور لاشتغاله عنه بضميره، بل هو معمول فعل محذوف هو الجزاء في الحقيقة، والمذكور تأكيد له، ولما وجب حذفه للمفسر قائما مقامه لفظا وأدخل الفاء عليه لأنه لابد منه الدلالة على الجزاء، ولا يدخل على معمول المحذوف لتمحضه عوضا عن فعل الشرط، والفاء لا تدخل على الشرط فكذا على ما هو عوض، فتعين أن تدخل على المفسر، فلا يمكن جعل الفاء عاطفة لئلا يكون عطف المفسر على المفسر، وما ذكره صاحب المفتاح من أن الفاء عاطفة، والتقدير: وإياي ارهبوني فأرهبون فقد أراد أنها فى الأصل كذلك، لا في الحال. انتهى.
قال أبو حيان: الفاء في قوله: فارهبون دخلت في جواب أمر مقدر، التقدير تنبهوا فارهبون.
قال بعض أصحابنا: الذي ظهر فيها بعد البحث أن الأصل في زيدا فاضرب تنبه فاضرب زيداً ثم حذف تنبه فصار فاضرب زيداً، فلما وقعت الفاء صدراً قدموا الاسم إصلاحا للفظ وإنما دخلت الفاء هنا لتربط هاتين الجملتين، وإذا تقرر هذا فتحتمل الآية وجهين:
أحدهما: أن يكون التقدير، واياي فارهبون.
والثاني: أن يكون التقدير: وتنبهوا فارهبون، ثم قدم المفعول فانفصلت وأخرت الفاء حين قدم المفعول وفعل الأمر الذي هو تنبهوا