للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على مثل الإمام هذا المعنى؟ وهو من أعلام المجتهدين وقد قال ابن الصلاح: أعيا الفقهاء وأعجزهم معرفة الناسخ من المنسوخ. وكان للشافعي اليد الطولى والسابقة الأولى. وقال الإمام أحمد ابن حنبل: ما عرفنا المجمل من المفصل، ولا الناسخ من المنسوخ حتى جالسنا الشافعى، والاية شاهدة لذلك لأن الناسخ لابد أن يكون خيراً من المنسوخ أو مثله لقوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} والسنة ليست بخير من القرءان ولا مثله، والضمير في نأت: لله، فيكون الأتي بالناسخ هو الله، وجوابهم عن الأول بأن المراد نسخ الحكم، لا اللفظ، ويجوز أن يكون حكم السنة خيراً من حكم القرآن أو مثلا له، باعتبار كونه أصلح للمكلف، وعن الثاني، بأنه يصح إطلاق قوله، نأت، على ما أتى به الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه أيضا من عند الله {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} مردود. أما الأول: فتخصيص بغير مخصص، على أن الآية ورودها في شأن أهل الكتاب وردوداتهم أن لا ينزل الله على رسوله هذا الكتاب الشريف وينسخ به كتابهم لفظا وحكما، ورد بأنه - صلى الله عليه وسلم - اختص به دونهم، وأنه - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يبدله من تلقاء نفسه بشهادة سبب النزول، وأما الثاني، فيلزم منه فك التركيب وارتكاب المحذور. أما فك التركيب: فإن الضمائر في: ننسخ وننسأها دالة على تعظيم الفاعل، ومنادية على جلالته واستبداده بما فعله، فإذا دخل الغير يفوت الغرض المطلوب، ولا شك أنه لا مدخل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ننسأها. فإذا فرق الضمائر ينخرم النظم، وإن ضمير الخطاب، في ألم تعلم إذا خص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو أعم، والاستفهام المفيد للتقرير ينافي استدراكه - صلى الله عليه وسلم - في تلك الضمائر، وكذا وضع الظاهر موضع المضمر

<<  <  ج: ص:  >  >>