للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السورة، وقوله (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) [سورة الأحزاب ٢٣] من القرآن؛ لاتفاق المصاحف على ذلك، مع ما روي عن زيد بن ثابت أنه قال: وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري (١)، لم أجدهما مع غيره.

وفي رواية أخرى فقدت آية من الأحزاب: قد كنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقرأ بها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) فألحقتها في سورتها في المصحف (٢)، فكذلك يلزمهم أن يحكموا بأن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آية من الفاتحة؛ لاتفاق المصاحف على كتابتها فيه، مع ما يذكرونه من أنه لم يرد فيها ماورد في سائر آيات الفاتحة.

فإن قال قائل: إنا لا نعلم من دين الأمة المتفقة على كتب المصحف أنها وقفت على أن جميع ما فيه من فواتح السور قرآن منزل من عند الله، وإن علمنا أنهم قد أثبتوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فاتحة للسور (٣).

فالجواب أن يقال: بالذي علمت أنت من دينهم أنهم قد وقفوا على أن المعوذتين، والآيتين من آخر سورة التوبة، والآية من الأحزاب قرآن منزل من عند الله = علم خصمك من دينهم أنهم وقفوا على أن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آية من أول الفاتحة.

ثم يقال: كلما كتب في المصحف في (٤) أيام أبي بكر، وأقرّ هو وسائر الصحابة عليه سنة بعد سنة إلى انقراضهم محكوم بأنه قرآن منزل، وجار مجرى ما ورد به الخبر المتواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلّم للعلم بأنهم لم يدونوا فيه إلا ما وضح عندهم أنه قرآن منزل.


(١)
هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه أبو عمار الخطمي الأنصاري، يعرف بذي الشهادتين، جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهادته بشهادة رجلين، شهد بدراً وما بعدها من المشاهد، وكان مع علي بصفين فلما قتل عمار جرد سيفه فقاتل حتى قتل، وكان صفين سنة سبع وثلاثين. الاستيعاب ٢/ ٤٤٨ والإصابة ٢/ ٢٧٨.
(٢) رواه أحمد ٣٥/ ٥٠١ والبخاري ٤/ ١٧٢٠ ح٤٤٠٢ والترمذي ٥/ ١٨١ ح٣١٠٤ والنسائي في السنن الكبرى ٧/ ٢٤٨ من حديث زيد بن ثابت. وانظر في: الفصل للوصل المدرج في النقل للخطيب البغدادي ١/ ٤١٧ - ٤٣٢ فقد ساق طرق هذا الحديث ورواياته، وبيّن الألفاظ المدرجة في بعض طرقه.
(٣) في ظ: للسورة.
(٤) في ت، ظ: من.

<<  <  ج: ص:  >  >>