قوله:(خالصا له ليس للشيطان فيه نصيب)، قال الطيبي: هذا الاختصاص يعلم من اللام في لله، ولهذا فسر الفتنة بالشرك لأنه وقع مقابلا له، قال: والذي يقتضيه حسن النظم وإيقاع النكرة في سياق النفي أن تجري فتنة على حقيقتها ليستوعب جميع ما يسمى فتنة، فيدخل فيها الشرك والقتال، والتخرب، وجميع ما عليه مخالفوا دين الإسلام فيطابقه. قوله:(ويكون الدين لله) لأن معناه يكون الدين كله لله، كما جاء في سورة الأنفال، ويكون تعميما بعد تخصيص، لأن الفتنة حملت أولاً على الشرك ولو أريد بها عين الفتنة السابقة لكان الواجب أن يجاء بها معرفة، لأن الشيء إذا أعيد أضمر أو كرر بعينه، وضعا للمظهر موضع المضمر، فإن النكرة إذا أعيدت ولم يرد بها التكرار كانت غير الأول، بخلاف المعرفة، ولأن قوله:{فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ} يقتضي مفعولاً أعم مما اقتضاه. قوله:(فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم)، لأن الشيء إذا كرر وجيء بالثاني أعم من الأول كان أحسن من العكس، لئلا يجيء الكلام مبتورا. انتهى.
قلت: تفسير الفتنة هنا بالشرك هو المأثور، أخرجه ابن جرير، من طرق، عن ابن عباس وعن مجاهد، والربيع، وقتادة والسدي، وابن زيد ولم يرو غيره.
قوله:(أي فلا تعتدوا على المنتهين). إلى آخره. قال أبو حيان: هذا لا يصح إلا على تفسير المعنى، وأما على تفسير الأعراب فلا يصح، لأن المنتهين ليس مرادفا لقوله:{إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} لأن نفي العدوان عن المنتهين لا يدل على إثباته على الظالمين بالمنطوق المحصور بالنفي