أصلا، وقال الطيبي: فسر المتكلمون محبة العبد لله بأنها محبة طاعته وخدمته أو ثوابه أو إحسانه وأما العارفون فقد قالوا العبد يحب الله لذاته وأما حب طاعته وثوابه فهي درجة نازلة والقول الأول ضعيف، وذلك أنه لا يمكن أن يقال في كل شيء أنه إنما كان محبوبا لأجل معنى أخر فلا بد من الانتهاء إلى شيء يكون محبوبا لذاته، فكما يعلم أن اللذة محبوبة لذاتها كذلك يعلم أن الكمال محبوب لذاته وأكمل الكمالات لله تعالى فيقتضي كونه محبوبا لذاته من ذاته، وقال صاحب الفرائد، بعدما حكى نحواً من هذا المعنى وهذا أبلغ أنواع الحب، فعلى هذا حب العبد لله تعالى حقيقة بل المحبة الحقيقية مستحقة لله تعالى إذ كل ما يحب من المخلوقات فإنما يحب بخصوص أثر من آثار وجوده قال الطيبي: ويقال لما عظم ذاته وبين جلالة سلطانه بقوله سبحانه: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} الآيات تعلق قلب العبد بمولى عظيم الشأن ذي الملك والملكوت والجلال والجبروت ثم لما ثني بنهي المؤمنين عن موالاة أعدائه وحذر عن ذلك غاية التحذير كرر فيها {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}، ونبه على وجوب استئصال تلك الموالاة، بقوله:{قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ} الآية، وأكد ذلك بالوعيد الشديد وذلك قوله:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} الآية، زاد ذلك التعلق أقصى غايته واستأنف. قوله:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} كأنه تعالى يشير إلى أن عبيدي لم يتمالكوا أنفسهم عند ذلك بأن لا يسألوا بأي شيء ينال كمال المحبة وموالاة ربنا، فقيل لهم: بعد قطع موالاة أعدائنا تنال تلك الدرجة بالتوجه إلى متابعة حبيبنا إذ كل طريق سوى طريقه مسدود.
قوله:" جواب الأمر "، هو رأى عزى للخليل وأكثر المتأخرين