قوله:" فإن الإجماع على أنه تعالى لم يستنبئ امرأة "، قلت: دعوى الإجماع عجيب، فإن الخلاف في نبوة نسوة موجود، خصوصا مريم، فإن القول بنبوتها شهير، بل قال الشيخ تقي الدين السبكي في الحلبيات إلى ترجيحه، وقال: إن ذكرها مع الأنبياء في سورة الأنبياء قرينة قوية لذلك: " قوله: قرفها اليهود " وهو بالقاف وراء وفاء، يقال: قرفت الرجل: عبته، وهو يقرف بكذا، أي: يرمي به ويتهم.
قوله:" والمراد تقرير كونه وحيا "، إلى آخره.
قال الطيبي: تقريره أن مقتضى الظاهر أن يقال: ذلك من أنباء الغيب، وما سمعت هذا النبأ من أحد، ولا قرأته في كتاب لأن هذا متوهم منه، فاحتيج إلى دفع التوهم، لا المشاهدة فإنها منتفية، لاشك في انتفائها، فلا يحتاج إليه.
فلم نفيت المشاهدة، وترك ذلك. وخلاصة الجواب أن المراد من نفي المشاهدة إثبات الحجة، والاحتجاج على أهل الكتاب أن يقال بطريق التقسيم الحاصر، ولاشك أن عدم السماع والقراءة محقق عند اليهود، وقد علموا ذلك علما يقينا لا ريب فيه، وإنما كانوا ينكرون الوحي.
فأريد إثبات المطلوب بطريق برهاني، فقيل: طريق العلم فيما انبئكم به، إما السماع والقراءة، وإما الوحي والإلهام وإما الحضور والمشاهدة، فالأولان منتفيان عندكم، بقي الثالث. فنفى تهكما بهم، وإنما خص هذه دون الأولى للتهكم، لأنه لو نفى الأول لم يكن من التهكم في شيء لمجال الوهم فيه دونه.
قوله: أو بقوله: " أيهم يكفل ".
قال الشيخ سعد الدين: تعلقه بالقول لا يفيد فائدة يعتد بها.
قوله:" بدل من إذ قالت الأولى ".
قال الحلبي: فيه بعد لكثرة الفاصل بين البدل والمبدل منه.