وتسليمها لمن يؤمل/ قبولها منه، فالمذكور في الآية أبلغ الأحوال وهو أن يبذله محققا، ونظيره {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} فإذا لم يقبل هذا فلأن لا يقبل قوله: أبذل أو أقدر عليه. وما جرى مجراه أولى فتكون
الواو على حالها. وكقوله تعالى:{لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ} مصرح به، والمراد به لا خلاص لهم من الوعيد، وإلا فقد علم أنهم لا يقدرون يومئذ على فلس. كما تقول: لا أبيعك هذا بألف دينار ولو سلمتها إلي في يدي، وهذا من السهل الممتنع، وقال أبو حيان- في تقدير المصنف-: هذا المعنى، ينبو عنه هذا التركيب ولا يحتمله، والذي يقتضيه هذا التركيب وينبغي أن يحمل عليه أن الله تعالى أخبر أن من مات كافراً لا يقبل منه ما يملأ الأرض من ذهب على كل حال يقصدها ولو في حال افتدائه من العذاب، لأن حالة الافتداء هي حالة لا يمتن فيها المفتدى على المفتدي منه إذ هي حالة قهر من المفتدى منه للمفتدي، وقد قررنا في نحو هذا التركيب أن لو تأتي منبهة على أن ما قبلها جاء على سبيل الاستقصاء وما بعدها جاء تنصيصا على الحالة التي يظن أنها لا تندرج فيما قبلها، كقوله: أعطوا السائل لو جاء على فرس، ورد السائل ولو بظلف محرف كان هذه الأشياء ممالا ينبغي أن يؤتى به لأن كون السائل على فرس يشعر بغناه فلا يناسب أن يعطي وكذلك الظلف المحرق لا غنى فيه فكان يناسب ألا يرد السائل وكذلك حالة الفداء تناسب أن يقبل منه ملء الأرض ذهبا لكنه لا يقبل ونظيره {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} لأنهم نفوا أن يصدقهم على كل حال